الكتاب: الزاهر في معاني كلمات الناس المؤلف: محمد بن القاسم بن محمد بن بشار، أبو بكر الأنباري (المتوفى: 328هـ) المحقق: د. حاتم صالح الضامن الناشر: مؤسسة الرسالة - بيروت الطبعة: الأولى، 1412 هـ -1992 عدد الأجزاء: 2 [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] |
بسم الله الرحمن الرحيم (1/1)
وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب
الحمدُ للهِ القديمِ الدائمِ، الذي ليس لِقدَمِهِ ابتداء، ولا لديمومته (1) / 93 / انتهاء. الذي حجَّتِ الألباب بدائعُ حِكَمِهِ (2) ، وخصمت العقولَ لطائفُ حُجَجِهِ، وقطعت عُذرَ (3) الملحدينَ عجائبُ صنعه، وكلّت الألسن عن تفسير صفته، وانحسرت العقول عن كُنْهِ معرفته.
لا تحويه الأماكنُ، ولا تحدّه لكبريائه الفكر. مُحرم على نوازعِ ثاقباتِ الفِطَن تحديدُهُ، وعلى عوامقِ الفِطَرِ (4) تكييفُهُ، وعلى غوائصِ سابحاتِ النظر تصويرُهُ. مُمتنعٌ على الأوهام أنْ تكتنهَهُ، وعلى الأفهامِ أنْ تستغرقَهُ. قد يئست من استنباط الإحاطة به (5) طوامحُ العقولِ، وتراجعت بالصُغر (6) عن السمو إلى قدرته لطائف الخصوم.
واحد لا من عَدَدٍ، ودائم لا بأمَدٍ، وقائم لا بعَمَدٍ.
صادقٌ لا يكذبُ، وعالمٌ لا يجهلُ، وعَدْلٌ لا يجورُ، وحيٌّ لا يموتُ.
ذو بهجةٍ لا تُفْقَدٌ، ونورٍ لا يخمدُ، ومواهبَ لا تنكدُ، وعطايا لا تنفدُ، وعز لا يذلُّ، وأيدٍ لا يَكِلُّ، ودؤوبٍ لا يملُّ، وحفظٍ لا يضلّ، وصنعٍ لا يكل.
الجبارُ الذي خشعت لجبروته الجبابرةُ، والعزيزُ الذي ذَلَّتْ لعزتِهِ الملوكُ الأعِزَّةُ، والعظيمُ الذي خَضَعَتْ له الصعابُ في محل تخومِ قرارِها، وأذعنتْ له رواصِنُ الأسبابِ في منتهى شواهق أقطارها.
__________
(1) ر: ديمومته.
(2) ك: حكمته.
(3) ر، ك: عدد.
(4) في مختصر الزاهر: الفكر.
(5) (به) ساقطة من ك.
(6) ر: بالصفر، بالفاء.