الكتاب: خلق الإنسان
    المؤلف: الأصمعي أبو سعيد عبد الملك بن قريب بن علي بن أصمع (المتوفى: 216هـ)
    [الكتاب مرقم آليا غير موافق للمطبوع]

بطاقة الكتاب   ||   إخفاء التشكيل

بسم الله الرحمن الرحيم
ما يذكر من حمل المرأة وولادتها والمولود
قال أبو سعيد عبد الملك بن قريب الأصمعي يقال للمرأة في أول ما تحمل قد نسئت وهي نسء كما ترى، فإن اشتهت على حملها شيئا فهي وحمى والمصدر الوحم، قال العجاج:
أزمان ليلى عام ليلى وحمي
أي شهوتي، ووحمى فعلى من الوحم ويقال وحمت توحم وحماً، ويكون نطفة أربعين يوماً، وعلقةٌ مثلها، ومضغة مثلها، ثم يبعث الله ملكاً فينفخ فيه الروح، فإذا استبان الحمل فيها قيل لكل ما استبان حملها قد أرأت وهي مرء إلا ما كان من الحافر والسباع فإنه يقال لها ألمعت وهي ملمع إذا استبان حملها، ويقال إن ولد كل حامل يرتكض في نصف حملها، فإذا أثقلت قيل امرأة مثقل، فإذا ضربها المخاض قيل مخضت ومخضت، ووجع الولاد الطلق خفيف، فإذا وجدت الألم بعد الولاد فهو الحس، فإذا اشتكت على الولاد بعد فهي رحوم، فإذا يبس ولدها في بطنها اشتكت على الولاد بعد فهي رحوم، فإذا يبس ولدها في بطنها قيل قد أحشت وهي محش وألقته حشيشا، فإذا حملته في آخر قرئها عند مقبل الحيضة قيل حملته وضعا وتضعا، فإن حملت وهي ترضع أوغشيت قيل أمرأة مغيل والولد الذي ترضعه مغيل ومغال أيضا، واللبن الغيل، فإذا سهلت ولادتها قيل ولدته سرحا، والدعاء يدعى به اللهم اجعله سهلا سرحا، ويقال قد أيسرت، فإن خرج رجلا المولود قبل رأسه قيل ولدته يتناً، قال الأصمعي عن عيسى بن عمر سألت ذا الرمة عن مسألة فقال أتعرف اليتن قلت نعم قال فإن مسلتك هذه يتن أي إنها جاءت على غير وجهها فإذا خرج وصاح قيل قد استهل، وكل شيء رفع صوته فقد استهل، ومن ذلك أهل بالعمرة والحج، ويقال استهلت السماء واستهل المطر وهو الصوت، فإذا قضى حاجته قيل قد عقى وهو يعقي عقيا واسم ما يخرج منه العقى، وهو كذلك من كل سخلة فإذا جعل لا يقضي حاجته في اليوم إلا مرة واحدة قيل قد صرب ليسمن، وقد اغتال الصبي ليسمن إذا احتبس ما في بطنه، فإن ولدته قبل أن تتم شهوره فهو سقط وسقط وسقط، ومثله سقط النار حين يقدح مضموم ومسكور، وإنما هو مثل أي لم تكبر النار ولم تتم، فإن ولدته وقد تمت شهوره قيل ولدته لتمام وللتمام بالألف واللام، قال الشاعر:
نُتجت حروبهم بغير تمامِ
وليس تكسر التاء إلا في الحمل والليل يقال ولدته لتمام، وليل التمام أطول ما يكون من الليل، فإما كل شيء بلغ تمامه فهو مفتوح يقال هذا تمام حقك وبلغ الشيء تمامه.

ما يذكر من تقلب أحوال الإنسان
قال أبو سعيد يقال للمولود حينئذ وليد، ثم طفل قال ولا أدري ما وقته ويقال طفل وطفل، فأما الطفل فهو الصغير وأما الطفل فهو الرخص الناعم، ثم شدح إذا كان صغيراً رطبا، فإذا سمن شيئا قيل قد تحلم وقد اغتال، فإذا فطم فهو فطيم، فإذا انتفج وارتفع فهو جفر، فإذا ارتفع عن ذلك فهو جحوش، قال المعترض الهذلي:
قتلنا مخلداً وابني حراقٍ ... وآخر جحوشاً فوق الفطيم
فإذا خدم وقوي فهو حزور، قال النابغة:
وإذا نزعت نزعت عن مستحصفٍ ... نزع الحزور بالرشاء المحصد
فإذا ارتفع ولم يبلغ الحلم فهو يفعة ويافع يقال غلام يافع وغلام يفعة وغلمان يفعة الواحد والجميع فيه سواء، وقد يقال غلمان أيفاع وقد أيفع الغلام يوفع إيفاعا، قال الشاعر:
كُهولٌ ومردٌ من بني عم مالك ... وأيفاع صدق لو تمليتهم رضى
تمليتهم أي تمتعت بهم، ويقال من هذا لبست جديداً وتمليت حبيباً أي تمتعت به، فإذا احتلم فهو حالم، فإذا خرج وجهه فهو طار ويقال قد طر شاربه، قال الشاعر:
من الذي هو ما إن طر شاربه ... والعانسون ومنا المرد والشيب
ما أن طر شاربه بالفتح هكذا ينشده بالفتح، ويقال للبعير إذا ألقى وبره ونبت له وبر آخر جديد قط طر يطر طروراً، ويقال للحمار إذا ألقى شعره ونبت له شعر آخر جديد مثل ذلك، فإذا التف وجهه ولم يكن في الشعر مزيد فهو مجتمع، قال سحيم بن وثيل الرياحي:
أخو خمسين مجتمع أشدي ... ونجذني مداورة الشؤون
يريد بقوله نجذني دربني وحنكني، دربني أي صبرني درباً حاداً، وهو شاب من الحلم إلى أن يكتهل، فإذا تم فهو كهل فإذا قعد بعد بلوغ وقت النكاح أعواماً لا ينكح فهو عانس يقال رجل عانس وأمرأة عانس، قال أبو ذؤيب:

(1/1)

الصفحة السابقة   ||   الصفحة التالية
بداية الكتاب    ||   محرك البحث