الكتاب: المغني لابن قدامة
    المؤلف: أبو محمد موفق الدين عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة الجماعيلي المقدسي ثم الدمشقي الحنبلي، الشهير بابن قدامة المقدسي (المتوفى: 620هـ)
    الناشر: مكتبة القاهرة
    الطبعة: بدون طبعة
    عدد الأجزاء: 10
    تاريخ النشر: 1388هـ - 1968م
    [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

بطاقة الكتاب   ||   إخفاء التشكيل

الْأُخْرَى، وَيَكُونُ فِي الَّتِي سَمَّى لَهَا صَدَاقًا رِوَايَتَانِ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَسْمِيَةً وَشَرْطًا، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ سَمَّى لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مَهْرًا ذَكَرَهُ الْقَاضِي هَكَذَا. (5487) فَصْلٌ: فَإِنْ قَالَ: زَوَّجْتُك جَارِيَتِي هَذِهِ، عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي ابْنَتَك وَتَكُونُ رَقَبَتُهَا صَدَاقًا لِابْنَتِك. لَمْ يَصِحَّ تَزْوِيجُ الْجَارِيَةِ، فِي قِيَاسِ الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ لَهَا صَدَاقًا سِوَى تَزْوِيجِ ابْنَتِهِ
وَإِذَا زَوَّجَهُ ابْنَتَهُ، عَلَى أَنْ يَجْعَلَ رَقَبَةَ الْجَارِيَةِ صَدَاقًا لَهَا، صَحَّ؛ لِأَنَّ الْجَارِيَةَ تَصْلُحُ أَنْ تَكُونَ صَدَاقًا. وَإِنْ زَوَّجَ عَبْدَهُ امْرَأَةً، وَجَعَلَ رَقَبَتَهُ صَدَاقًا لَهَا، لَمْ يَصِحَّ الصَّدَاقُ؛ لِأَنَّ مِلْكَ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا يَمْنَعُ صِحَّةَ النِّكَاحِ، فَيَفْسُدُ الصَّدَاقُ، وَيَصِحُّ النِّكَاحُ، وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ.

[مَسْأَلَة نِكَاحُ الْمُتْعَةِ]
(5488) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَلَا يَجُوزُ نِكَاحُ الْمُتْعَةِ) مَعْنَى نِكَاحِ الْمُتْعَةِ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْمَرْأَةَ مُدَّةً، مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: زَوَّجْتُك ابْنَتِي شَهْرًا، أَوْ سَنَةً، أَوْ إلَى انْقِضَاءِ الْمَوْسِمِ، أَوْ قُدُومِ الْحَاجِّ. وَشِبْهَهُ، سَوَاءٌ كَانَتْ الْمُدَّةُ مَعْلُومَةً أَوْ مَجْهُولَةً. فَهَذَا نِكَاحٌ بَاطِلٌ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، فَقَالَ: نِكَاحُ الْمُتْعَةِ حَرَامٌ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِيهَا رِوَايَةٌ أُخْرَى، أَنَّهَا مَكْرُوهَةٌ غَيْرُ حَرَامٍ؛ لِأَنَّ ابْنَ مَنْصُورٍ سَأَلَ أَحْمَدَ عَنْهَا، فَقَالَ: يَجْتَنِبُهَا أَحَبُّ إلَى. وَقَالَ فَظَاهِرُ هَذَا الْكَرَاهَةُ دُونَ التَّحْرِيمِ. وَغَيْرُ أَبِي بَكْرٍ مِنْ أَصْحَابِنَا يَمْنَعُ هَذَا، وَيَقُولُ: فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ فِي تَحْرِيمِهَا. وَهَذَا قَوْلُ عَامَّةِ الصَّحَابَةِ وَالْفُقَهَاءِ. وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ تَحْرِيمُهَا عُمَرُ، وَعَلِيٌّ، وَابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَعَلَى تَحْرِيمِ الْمُتْعَةِ مَالِكٌ، وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ، وَأَبُو حَنِيفَةَ فِي أَهْلِ الْعِرَاقِ، وَالْأَوْزَاعِيُّ فِي أَهْلِ الشَّامِ، وَاللَّيْثُ فِي أَهْلِ مِصْرَ، وَالشَّافِعِيُّ، وَسَائِرُ أَصْحَابِ الْآثَارِ
وَقَالَ زُفَرُ: يَصِحُّ النِّكَاحُ، وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ. وَحُكِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهَا جَائِزَةٌ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ أَصْحَابِ عَطَاءِ وَطَاوُسٍ. وَبِهِ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَجَابِرٍ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشِّيعَةُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَذِنَ فِيهَا، وَرُوِيَ أَنَّ عُمَرَ قَالَ: «مُتْعَتَانِ كَانَتَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفَأَنْهَى عَنْهُمَا، وَأُعَاقِبُ عَلَيْهِمَا؛ مُتْعَةُ النِّسَاءِ، وَمُتْعَةُ الْحَجِّ.» وَلِأَنَّهُ عَقْدٌ عَلَى مَنْفَعَةٍ، فَيَكُونُ مُؤَقَّتًا، كَالْإِجَارَةِ. وَلَنَا مَا رَوَى الرَّبِيعُ بْنُ سَبْرَةَ، أَنَّهُ قَالَ أَشْهَدُ عَلَى أَبِي، أَنَّهُ حَدَّثَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْهُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ» . وَفِي لَفْظٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «حَرَّمَ مُتْعَةَ النِّسَاءِ.» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد

(7/178)

الصفحة السابقة   ||   الصفحة التالية
بداية الكتاب    ||   محرك البحث