الكتاب: فتاوى الرملي
    المؤلف: شهاب الدين أحمد بن حمزة الأنصاري الرملي الشافعي (المتوفى: 957هـ)
    جمعها: ابنه، شمس الدين محمد بن أبي العباس أحمد بن حمزة شهاب الدين الرملي (المتوفى: 1004هـ)
    الناشر: المكتبة الإسلامية
    عدد الأجزاء: 4
    [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

بطاقة الكتاب   ||   إخفاء التشكيل

فَذَهَبَ ذَاهِبُونَ إلَى أَنَّ الرُّسُلَ مِنْ الْبَشَرِ أَفْضَلُ مِنْ الرُّسُلِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَالْأَوْلِيَاءُ مِنْ الْبَشَرِ أَفْضَلُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ، وَعِبَارَةُ الْكَمَالِ بْنِ الْهُمَامِ فِي الْمُسَايَرَةِ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ مِنْ بَنِي آدَمَ كَالرُّسُلِ وَغَيْرِهِمْ أَفْضَلُ مِنْ الْمَلَائِكَةِ خَوَاصُّهُمْ كَالْأَنْبِيَاءِ أَفْضَلُ مِنْ خَوَاصِّهِمْ وَعَوَامُّهُمْ كَالصُّلَحَاءِ أَفْضَلُ مِنْ عَوَامِّهِمْ. اهـ. وَالتَّفْصِيلُ حَسَنٌ صَحِيحٌ مُعْتَمَدٌ وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا ذَكَرْته خَوَاصُّ الْبَشَرِ وَعَوَامُّهُمْ وَخَوَاصُّ الْمَلَائِكَةِ وَعَوَامُّهُمْ.

(سُئِلَ) عَمَّا يَقَعُ مِنْ الْعَامَّةِ مِنْ قَوْلِهِمْ عِنْدَ الشَّدَائِدِ يَا شَيْخُ فُلَانٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الِاسْتِغَاثَةِ بِالْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ وَالْأَوْلِيَاءِ وَالْعُلَمَاءِ وَالصَّالِحِينَ فَهَلْ ذَلِكَ جَائِزٌ أَمْ لَا وَهَلْ لِلرُّسُلِ وَالْأَنْبِيَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَالْمَشَايِخِ إغَاثَةٌ بَعْدَ مَوْتِهِمْ وَمَاذَا يُرَجِّحُ ذَلِكَ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الِاسْتِغَاثَةَ بِالْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ وَالْأَوْلِيَاءِ وَالْعُلَمَاءِ وَالصَّالِحِينَ جَائِزَةٌ وَلِلرُّسُلِ وَالْأَنْبِيَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ إغَاثَةٌ بَعْدَ مَوْتِهِمْ؛ لِأَنَّ مُعْجِزَةَ الْأَنْبِيَاءِ وَكَرَامَاتِ الْأَوْلِيَاءِ لَا تَنْقَطِعُ بِمَوْتِهِمْ. أَمَّا الْأَنْبِيَاءُ فَلِأَنَّهُمْ أَحْيَاءٌ فِي قُبُورِهِمْ يُصَلُّونَ وَيَحُجُّونَ كَمَا وَرَدَتْ بِهِ الْأَخْبَارُ وَتَكُونُ الْإِغَاثَةُ مِنْهُمْ مُعْجِزَةً لَهُمْ. وَالشُّهَدَاءُ أَيْضًا أَحْيَاءٌ شُوهِدُوا نَهَارًا جِهَارًا يُقَاتِلُونَ الْكُفَّارَ.
وَأَمَّا الْأَوْلِيَاءُ فَهِيَ كَرَامَةٌ لَهُمْ فَإِنَّ أَهْلَ الْحَقِّ عَلَى أَنَّهُ يَقَعُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ بِقَصْدٍ وَبِغَيْرِ قَصْدٍ أُمُورٌ خَارِقَةٌ لِلْعَادَةِ يُجْرِيهَا اللَّهُ تَعَالَى بِسَبَبِهِمْ وَالدَّلِيلُ عَلَى جَوَازِهَا أَنَّهَا أُمُورٌ مُمْكِنَةٌ لَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ وُقُوعِهَا مُحَالٌ وَكُلُّ مَا هَذَا شَأْنُهُ فَهُوَ جَائِزُ الْوُقُوعِ وَعَلَى الْوُقُوعِ قِصَّةُ مَرْيَمَ وَرِزْقُهَا الْآتِي مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عَلَى مَا نَطَقَ بِهِ التَّنْزِيلُ وَقِصَّةُ أَبِي بَكْرٍ، وَأَضْيَافِهِ كَمَا فِي الصَّحِيحِ وَجَرَيَانُ النِّيلِ بِكِتَابِ عُمَرَ وَرُؤْيَتُهُ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ بِالْمَدِينَةِ جَيْشَهُ بِنَهَاوَنْدَ حَتَّى قَالَ لِأَمِيرِ الْجَيْشِ يَا سَارِيَةَ الْجَبَلَ مُحَذِّرًا لَهُ مِنْ وَرَاءِ الْجَبَلِ لِكَمِينِ الْعَدُوِّ هُنَاكَ، وَسَمَاعُ سَارِيَةَ كَلَامَهُ وَبَيْنَهُمَا مَسَافَةُ شَهْرَيْنِ، وَشُرْبُ خَالِدٍ السُّمَّ مِنْ غَيْرِ تَضَرُّرٍ بِهِ. وَقَدْ جَرَتْ خَوَارِقُ عَلَى أَيْدِي الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ لَا يُمْكِنُ إنْكَارُهَا لِتَوَاتُرِ مَجْمُوعِهَا، وَبِالْجُمْلَةِ مَا جَازَ أَنْ يَكُونَ مُعْجِزَةً لِنَبِيٍّ جَازَ أَنْ يَكُونَ

(4/382)

الصفحة السابقة   ||   الصفحة التالية
بداية الكتاب    ||   محرك البحث