الموسوعة الشاملة
www.islamport.com


    الكتاب : شذرات الذهب في أخبار من ذهب - ابن العماد

144 عظيم التجسس عن أخبار الناس وربما غير لباسه وتجسس ليلا ونهارا وكان شديد اليقظة والتحفظ يحب مطالعة التواريخ وأخبار الملوك وله نظم بالفارسية والرومية والعربية منه ما ذكره القطب الهندي المكي أنه رآه بخطه في الكوشك الذي بنى له بروضة المقياس بمصر ونصه ( الملك لله من يظفر بنيل غنى * يردده قسرا ويضمن عنده الدركا ) ( لو كان لي أو لغيري قدر أنملة * فوق التراب لكان الأمر مشتركا ) قال الشيخ مرعي الحنبلي في كتابه نزهة الناظرين وفي أيامه تزايد ظهور شأن إسمعيل شاه واستولى على سائر ملوك العجم وملك خراسان وأذربيجان وتبريز وبغداد وعراق العجم وقهر ملوكهم وقتل عساكرهم بحيث قتل ما يزيد على ألف ألف وكان عسكره يسجدون له ويأتمرون بأمره وكاد يدعي الربوبية وقتل العلماء وأحرق كتبهم ومصاحفهم ونبش قبور المشايخ من أهل السنة وأخرج عظامهم وأحرقها وكان إذا قتل أميرا أباح زوجته وأمواله لشخص آخر فلما بلغ السلطان سليم ذلك تحركت همته لقتاله وعدد ذلك من أفضل الجهاد فالتقى معه بقرب تبريز بعسكر جرار وكانت وقعة عظيمة فانهزم جيش إسمعيل شاه واستولى سليم على خيامه وسائر ما فيها وأعطى الرعية الأمان ثم أراد الإقامة بالعجم للتمكن من الإستيلاء عليها فما أمكنه ذلك لشدة القحط بحيث بيعت العليقة بمايتي درهم والرغيف بمائة درهم وسببه تخلف قوافل الميرة التي كان أعدها السلطان سليم وما وجد في تبريز شيئا لأن إسمعيل شاه عند انهزامه أمر بإحراق أجران الحب والشعير فاضطر سليم للعود إلى بلاد الروم وفي أيامه كانت وقعة الغوري وذلك أن سليم لما رجع من غزو إسمعيل شاه تفحص عن سبب انقطاع قوافل الميرة عنه فأخبر أن سببه سلطان مصر قانصوه الغوري فإنه كان بينه وبين إسمعيل شاه محبة ومراسلات وهدايا فلما تحقق سليم ذلك صمم علي قتال الغوري أولا ثم بعده يتوجه لقتال إسمعيل

(8/143)

الصفحة السابقة   //   الصفحة التالية