الموسوعة الشاملة
www.islamport.com


و كان حلف الفضول أكرم حلف سمع به و أشرفه في العرب و كان أول من تكلم به و دعا إليه الزبير بن عبد المطلب و كان سببه أن رجلا من زبيد قدم مكة ببضاعة فاشتراها منه العاص بن و ائل فحبس عنه حقه فاستعدى عليه الزبيدي الأحلاف عبد الدار و مخزوما و جمحا و سهما و عدي بن كعب فأبوا أن يعينوا على العاص بن وائل و زبروه ـ أي انتهروه ـ فلما رأى الزبيدي الشر أوفى على أبي قبيس عند طلوع الشمس و قريش في أنديتهم حول الكعبة فنادى بأعلى صوته :
( يا آل فهر لمظلوم بضاعته ... ببطن مكة نائي الدار و النفر )
( و محرم أشعث لم يقض عمرته ... يا للرجال و بين الحجر و الحجر )
( إن الحرام لمن تمت كرامته ... و لا حرام لثوب الفاجر الغدر )
فقام في ذلك الزبير بن عبد المطلب و قال : ما لهذا مترك
فاجتمعت هاشم و زهرة و تيم بن مرة في دار عبد الله بن جدعان فصنع لهم طعاما و تحالفوا في ذي القعدة في شهر حرام فتعاقدوا و تعاهدوا بالله ليكونن يدا و احدة مع المظلوم على الظالم حتى يؤدي إليه حقه ما بل بحر صوفة و مارسي ثبير و حراء مكانهما و على التآسي في المعاش
فسمت قريش ذلك الحلف حلف الفضول و قالوا : لقد دخل هؤلاء في فضل من الأمر ثم مشوا إلى العاص بن وائل فانتزعوا منه سلعة الزبيدي فدفعوها إليه
و قال الزبير بن عبد المطلب في ذلك :
( حلفت لنعقدن حلفا عليهم ... وإن كنا جميعا أهل دار )
( نسميه الفضول إذا عقدنا ... يعز به الغريب لذي الجوار )
( و يعلم من حوالي البيت أنا ... أباة الضيم نمنع كل عار )
و قال الزبير أيضا :
( إن الفضول تعاقدوا و تحالفوا ... ألا يقيم ببطن مكة ظالم )
( أمر عليه تعاقدوا و تواثقوا ... فالجار و المعتر فيهم سالم )
و ذكر قاسم بن ثابت ـ في غريب الحديث ـ : أن رجلا من خثعم قدم مكة حاجا أو معتمرا و معه ابنة له يقال لها القتول من أوضأ نساء العالمين فاغتصبها منه نبيه بن الحجاج و غيبها عنه فقال الخثعم من يعديني على هذا الرجل ؟ فقيل له عليك بحلف الفضول
فوقف عند الكعبة و نادي يا لحلف الفضول فإذا هم يعنقون إليه من كل جانب و قد انقضوا أسيافهم يقولون : جاءك الغوث فما لك ؟ فقال : إن نبيها ظلمني في بنتي و انتزعها مني قسرا
فساروا معه حتى و قفوا على باب داره فخرج إليهم فقالوا له : أخرج الجارية و يحك فقد علمت من نحن و ما تعاقدنا عليه فقال : أفعل و لكن متعوني بها الليلة فقالوا لا و الله و لا شخب لقحة فأخرجها إليهم و هو يقول :
( راح صحبي ولم أحي القتولا ... لم أودعهم و داعا جميلا )
( إذ أجد الفضول أن يمنعوها ... قد أراني و لا أخاف الفضولا )
( لا تخالي أني عشية راح الركـ ... ب هنتم علي أن لا يزولا )
و ذكر أبياتا أخر غير هذه
و قد قيل إنما سمي هذا حلف الفضول لأنه أشبه حلفا تحالفته جرهم على مثل هذا من نصر المظلوم على ظلمه و كان الداعي إليه ثلاثة من أشرافهم اسم كل واحد منهم : فضل و هم الفضل بن فضالة و الفضل بن وداعة و الفضل بن الحارث هذا قول ابن قتيبة
و قال غيره : الفضل بن شراعة و الفضل بن بضاعة و الفضل بن قضاعة و قد أورد السهيلي هذا رحمه الله
و قال محمد بن إسحاق بن يسار : و تداعت قبائل من قريش إلى حلف فاجتمعوا له في دار عبد الله بن جدعان لشرفه و سنه
و كان حلفهم عنده بنو هاشم و بنو عبد المطلب و بنو أسد بن عبد العزى و زهرة ابن كلاب و تيم بن مرة
فتعاهدوا و تعاقدوا على أن لا يجدوا بمكة مظلوما من أهلها و غيرهم ممن دخلها من سائر الناس إلا كانوا معه و كانوا على من ظلمه حتى يرد عليه مظلمته
فسمت قريش ذلك الحلف حلف الفضول
قال محمد بن إسحاق : [ فحدثني محمد بن زيد بن المهاجر بن قنفذ التيمي أنه سمع طلحة بن عبد الله بن عوف الزهري يقول : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفا ما أحب أن لي به حمر النعم و لو دعي به في الإسلام لأجبت ]

(1/259)

الصفحة السابقة   //   الصفحة التالية