الموسوعة الشاملة
www.islamport.com


    الكتاب : الكامل في اللغة والأدب
    المؤلف : المبرد
    مصدر الكتاب : موقع الوراق
    http://www.alwarraq.com
    [ الكتاب مرقم آليا غير موافق للمطبوع ]

ما استوصف الناس من شيء يروقهم ... إلا رأوا أم نوح فوق ما وصفوا
كأنها مزنة غراء رائحة ... أو درة ما يواري ضوءها الصدف
المزنة: السحابة البيضاء خاصة، وجمعها مزن، قال الله جل وعز: ءأنتم أنزلتموه من المزن " " الواقعة: 69 " ؛ فالمرأة تشبه بالسحابة لتهاديها وسهولة مرها، قال الأعشى:
كأن مشيتها من بيت جارتها ... مر السحابة لا ريث ولا عجل
الريث: الإبطاء، فهذا ما تلحقه العين منها، فأما الخفة فهي كأسرع مار، وإن خفي ذلك على البصر، قال الله جل وعز: " وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب " " النمل: 88 " .
والعرب تشبه المرأة بالشمس، والقمر، والغصن، والكثيب ، والغزال، والبقرة الوحشية، والسحابة البيضاء، والدرة، والبيضة؛ وإنما تقصد من كل شيء إلى شيء.
قال ذو الرمة:
ومية أحسن الثقلين جيداً ... وسالفة وأحسنهم قذالا
فلم أر مثلها نظراً وعيناً ... ولا أم الغزال ولا الغزالا
تريك بياض غرتها ووجهاً ... كقرن الشمس أفتق ثم زالا
أصاب خصاصة فبدا كليلاً ... كلا وانغل سائره انغلالا
الجيد: العنق، والسالفة: ناحية العنق، والقذالان: ناحيتا القفا من الرأس.
وقوله: أفتق ثم زالا، يقال: أفتق السحاب، إذا انكشف انكشافة فكانت منه فرجة يسيرة بين السحابتين. تقول العرب: دام علينا الغيم ثم أفتقنا، وإذا نظر إلى الشمس والقمر من فتق السحاب فهو أحسن ما يكون وأشده استنارة.
وقوله: كلا يريد في سرعة ما بدا ثم غاب.
وقال الله عز وجل: " كأنهن الياقوت والمرجان " " الرحمن: 58 " ، وقال تبارك وتعالى: " كأمثال اللؤلؤ المكنون " " الواقعة: 23 " .
والمكنون: المصون، يقال: كننت الشي، إذا صنته. وأكننته، إذا أخفيته، فهذا المعروف، قال الله تبارك وتعالى: " أو كننتم في أنفسكم " " البقرة: 235 " وقد يقال: كننته، أخفيته.
وقد قال جرير في يزيد بن عبد الملك، وأمه عاتكة بنت يزيد بن معاوية بن سفيان:
الحزم والجود والإيمان قد نزلوا ... على يزيد أمين الله فاحتلفوا
ضخم الدسيعة والإيمان، غرته ... كالبدر ليلة كاد الشهر ينتصف
وقال ذو الرمة:
فيا ظبية الوعساء بين جلاجل ... وبين النقا آأنت أم أم سالم
وقال ابن أبي ربيعة:
أبصرتها ليلة ونسوتها ... يمشين بين المقام والحجر
يرفلن في الريط والمروط كما ... تمشي الهوينى سواكن البقر
فهذه تشبيهات غريبات مفهومة.
وقال أبو عبد الرحمن العطوي :
قد رأينا الغزال والغصن النجمين ... شمس الضحى وبدر الظلام
فوحق البيان يعضده البر ... هان ماقط ألد الخصام
ما رأينا سوى الحبيبة شيئاً ... جمع الحسن كله في نظام
فهي تجري مجرى الأصالة في الرأ ... ي ومجرى الأرواح في الأجسام
البرهان: الحجة، قال الله عز وجل: " قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين " " البقرة: 111 " أي حججكم. والماقط: موضع الحرب، فضربه مثلاً لموضع المناظرة والمحاجة. والألد: الشديد الخصومة، قال الله تبارك وتعالى: " وتنذر به قوماً لداً " " مريم: 97 " ، وقال: " وهو ألد الخصام " " البقرة: 204 " .
وقالت ليلى الأخيلية :
كأن فتى الفتيان توبة لم ينخ ... بنجد ولم يطلع مع المتغور
ولم يقدع الخصم الألد ويملأ ال ... جفان سديفاً يوم نكباء صرصر
السديف: شقق السنام.
الرياح ومواقعها
والنكباء: الريح بين الريحين، لأن الرياح أربع، وما بين كل ريحين نكباء، فهي ثمان في المعنى.
فما بين مطلع سهيل إلى مطلع الفجر جنوب، وإنما تأتي الجنوب من قبل اليمن، قال جرير:
وحبذا نفحات من يمانية ... تأتيك من جبل الريان أحيانا
وإذا هبت من تلقاء الفجر فهي الصبا تقابل القبلة، فالعرب تسميها القبول، قال الشاعر :
إذا قلت هذا حين أسلو يهيجني ... نسيم الصبا من حيث يطلع الفجر
وإذا أتت من قبل الشأم فهي شمال، قال الفرزدق:

(1/205)

الصفحة السابقة   //   الصفحة التالية