الكتاب: شرح مختصر التحرير للفتوحي
    المؤلف: أبو عبد الله، أحمد بن عمر بن مساعد الحازمي
    مصدر الكتاب: دروس صوتية قام بتفريغها موقع الشيخ الحازمي
    http://alhazme.net
    [ الكتاب مرقم آليا، ورقم الجزء هو رقم الدرس - 77 درسا]

بطاقة الكتاب   ||   إخفاء التشكيل

{وَلا يُنْسَخُ حُكْمٌ بِهِ أَيْ بِالإِجْمَاعِ؛ لأَنَّهُ إذَا وُجِدَ إجْمَاعٌ عَلَى خِلافِ نَصٍّ فَيَكُونُ قَدْ تَضَمَّنَ نَاسِخًا لا أَنَّهُ هُوَ النَّاسِخُ} وهذا هو الأصل.
{وَلأَنَّ الإِجْمَاعَ مَعْصُومٌ مِنْ مُخَالَفَةِ دَلِيلٍ شَرْعِيٍّ، لا مُعَارِضَ لَهُ وَلا مُزِيلَ عَنْ دَلالَتِهِ، فَتَعَيَّنَ إذَا وَجَدْنَاهُ خَالَفَ شَيْئًا أَنَّ ذَلِكَ إمَّا غَيْرُ صَحِيحٍ، إنْ أَمْكَنَ ذَلِكَ، أَوْ أَنَّهُ مُؤَوَّلٌ، أَوْ نُسِخَ بِنَاسِخٍ؛ لأَنَّ إجْمَاعَهُمْ حَقٌّ}.
يعني: إذا ثبت الإجماع لكن ليس لكل إجماع، إن ثبت الإجماع وخالفه نصٌ إما النص منسوخ وإما مؤول؛ لأن الإجماع كما مر معنا ليس فيه عموم، لا يكون إلا خاصاً.
والإجماع لا يكون إلا حقاً، حينئذٍ وقع تعارض فيُقدَّم الإجماع على غيره.
{فَالإِجْمَاعُ دَلِيلٌ عَلَى النَّسْخِ، لا رَافِعٌ لِلْحُكْمِ} لأنه لا يرفع الحكم إلا ما كان في زمن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو التشريع وهو الوحي.
{كَمَا قَرَّرَهُ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى وَالصَّيْرَفِيُّ وَالأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ، وَغَيْرُهُمْ}.
(وَكَذَا الْقِيَاسُ) {أَيْ: وَكَالإِجْمَاعِ الْقِيَاسُ فِي كَوْنِهِ لا يُنْسَخُ وَلا يُنْسَخُ بِهِ}.
ومر معنا أن الخلاف في التخصيص، وفرقٌ بين التخصيص والنسخ.
{قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ: أَمَّا الْقِيَاسُ فَلا يُنْسَخُ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَذَكَرَهُ الآمِدِيُّ عَنْ أَصْحَابِنَا لِبَقَائِهِ بِبَقَاءِ أَصْلِهِ}.
وهكذا قاله كثير من الأصوليين.
قال: (وَإِنْ نُسِخَ حُكْمُ أَصْلٍ تَبِعَهُ حُكْمُ فَرْعِهِ) وهو كذلك.
يعني: إذا ورد النسخ على أصلٍ مقيسٍ عليه، فحينئذٍ ارتفع القياس عليه بالتبعية عندنا، هذا إذا تُصوِّر القياس من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فنُسخ الأصل الذي قاس عليه، ماذا يحصل؟ الفرع المترتب على الأصل ارتفع معه.
(وَإِنْ نُسِخَ حُكْمُ أَصْلٍ) يعني: قِيس عليه (تَبِعَهُ حُكْمُ فَرْعِهِ).
{يَعْنِي: إذَا وَرَدَ النَّسْخُ عَلَى أَصْلٍ مَقِيسٍ عَلَيْهِ ارْتَفَعَ الْقِيَاسُ عَلَيْهِ بِالتَّبَعِيَّةِ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ.
وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ الْقَاضِي مِنْ أَصْحَابِنَا وَالْحَنَفِيَّةُ}.
ولا أظن له مثال هذا في الشرع.
قال: {وَجْهُهُ: خُرُوجُ الْعِلَّةِ عَنْ اعْتِبَارِهَا فَلا فَرْعَ، وَإِلاَّ وُجِدَ الْمَعْلُولُ بِلا عِلَّةٍ}.
لأن الفرع تابعٌ للأصل، فإذا بطل الحكم في الأصل بطل في الفرع. وهو كذلك.
قال: (وَيَجُوزُ النَّسْخُ بِالْفَحْوَى) {عِنْدَ الأَئِمَّةِ الأَرْبَعَةِ وَالْمُعْظَمِ.
قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ: الْفَحْوَى يُنْسَخُ وَيُنْسَخُ بِهِ} يُنسخ هو بغيره، ويُنسخ به.
{وذَكَرَهُ الآمِدِيُّ: اتِّفَاقًا} هذا بناءً على أنه من دلالة اللفظ.
{وَفِي التَّمْهِيدِ: الْمَنْعُ عَنْ بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ، وَذَكَرَهُ فِي الْعُدَّةِ عَنْ الشَّافِعِيَّةِ. قَالَ فِيمَا حَكَاهُ الإسْفَرايِينِيّ: وَاخْتَارَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا.
لَنَا: أَنَّهُ كَالنَّصِّ، وَإِنْ قِيلَ: قِيَاسٌ فقَطْعِيٌّ}.

(60/19)

الصفحة السابقة   ||   الصفحة التالية
بداية الكتاب    ||   محرك البحث