الكتاب: أصول الفقه المسمى إجابة السائل شرح بغية الآمل
    المؤلف: محمد بن إسماعيل بن صلاح بن محمد الحسني، الكحلاني ثم الصنعاني، أبو إبراهيم، عز الدين، المعروف كأسلافه بالأمير (المتوفى: 1182هـ)
    المحقق: القاضي حسين بن أحمد السياغي والدكتور حسن محمد مقبولي الأهدل
    الناشر: مؤسسة الرسالة - بيروت
    الطبعة: الأولى، 1986
    عدد الأجزاء: 1
    [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

بطاقة الكتاب   ||   إخفاء التشكيل

قاضية بِخِلَاف ذَلِك وَلذَا قَالَ النَّاظِم قَالُوا فنسبه إِلَى من قَالَ ذَلِك إِذا عرفت فَهَذَا كَلَامهم فِي الْمسَائِل القطعية
وَأَشَارَ إِلَى كَلَامهم فِي الظنية بقوله
وَقد حكوا فِيمَا أَتَت ظنية
رِوَايَة عَن أَكثر الزيدية ... بِأَن كلا مِنْهُم مُصِيب
فَمَا على مُجْتَهد تَثْرِيب
هَذِه الْمَسْأَلَة الْمَشْهُورَة بَين الْفُقَهَاء بِأَن كل مُجْتَهد مُصِيب أَي فِي ظنيات الْمسَائِل وَإِلَيْهِ ذهب أَكثر الزيدية وَغَيرهم من أهل الْمذَاهب الْأَرْبَعَة وفيهَا خلاف
وَاعْلَم أَنه لَا خلاف أَن الْمُجْتَهد غير آثم على كل من الْقَوْلَيْنِ كَمَا أَفَادَهُ قَوْله فَمَا على مُجْتَهد تَثْرِيب أَي ملام إِنَّمَا الْقَائِل بالتخطئة يَقُول فِي الْمُجْتَهدين من لَهُ أَجْرَانِ وَمِنْهُم من لَهُ أجر وَلكنه لَا يعلم إِلَّا بإعلام الله وَلَا سَبِيل إِلَيْهِ بعد طي بِسَاط الْوَحْي والمصوبة تَقول كل مُجْتَهد لَهُ أَجْرَانِ وَأَنه لَا يخطىء وَلَا فَائِدَة للْخلاف إِذْ كل يجب عَلَيْهِ الْعَمَل بِمَا أدّى إِلَيْهِ اجْتِهَاده
وتحرير مَحل النزاع أَن معنى مُصِيب من إِصَابَة السهْم الْغَرَض لَا من الصَّوَاب الَّذِي هُوَ ضد الْخَطَأ فَمَا أدّى إِلَيْهِ نظرا لمجتهد فَهُوَ حكم الله الْوَاقِع وَلَا حكم لَهُ تَعَالَى فِي الْمَسْأَلَة معِين فَهُوَ نَظِير الْوَاجِب الْمُخَير فالمطلوب من الْمُجْتَهد أحد الْأَحْكَام الْخَمْسَة لَا على جِهَة التَّعْيِين فَمَا ظَنّه الْمُجْتَهد فَهُوَ حكم الله وَمَا ظَنّه الآخر فَهُوَ حكم الله وَهَذَا معنى قَوْلهم إِن حكم الله تَابع لنظر الْمُجْتَهد وَلَا ذهب الْفَرِيق الآخر إِلَى أَن الْحق مَعَ وَاحِد وَغَيره مخطىء خطأ مَعْفُو عَنهُ فَلَيْسَ كل مُجْتَهد مُصِيب وَمن إِصَابَة السهْم الْغَرَض بل مُصِيب من الصَّوَاب الَّذِي هُوَ ضد الْخَطَأ أَي مُصِيب مَا طلب مِنْهُ وَإِن كَانَ خطأ بِالنِّسْبَةِ إِلَى حكم الله وَمَا فِي نفس الْأَمر
اسْتدلَّ الْأَولونَ بادلة عقلية ومقاولات جدلية وبأدلة سمعية نقتصر على

(1/391)

الصفحة السابقة   ||   الصفحة التالية
بداية الكتاب    ||   محرك البحث