الكتاب: تيسير التفسير
    المؤلف: إبراهيم القطان (المتوفى: 1404هـ)
    [الكتاب مرقم آليا غير موافق للمطبوع، وهو ضمن خدمة مقارنة التفاسير]

بطاقة الكتاب   ||   إخفاء التشكيل

وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا (8) فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا (9) أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فَاتَّقُوا اللَّهَ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا (10) رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا (11) اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا (12)

وكأين من قرية: كثير من القرى كفرَ اهلها. عتت: تجبرت، واستكبرت. نُكرا: منكرا. وبالَ أمرِها: عاقبة امرها. خُسرا: خسارة. ذِكرا: قرآنا. رسولا: هو سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام.
لقد تقدّم كثيرٌ من الآيات الكريمة التي تشبه هذه الآياتِ التي خُتمت بها هذه السورة العظيمة بعد ان بيّن فيها شَرْعَ الله في الطلاق والعِدَّة والنفقةِ والسكنِ ونفقةِ المولود وإرضاعه.
ان كثيراً من أهلِ القرى خالفوا أمر ربهم، فكذّبوا الرسلَ وأعرضوا عن أمرِ ربهم، فحاسبناهم حسابا شديدا، وعذبناهم أشد العذاب، فذاقوا عاقبة أمرِهم، وتجرعوا سوءَ مآلهم، وخسِروا خسراناً كبيرا. وفي الآخرة أعدّ الله لهم عذابا بالغ الشدة.
ولذلك يحذّر الله المؤمنين بقوله تعالى: {فاتقوا الله ياأولي الألباب}
ايها المؤمنون العاقلون، اعتبروا بهم واتقوا الله الذي انزل اليكم قرآنا عظيما، وارسل اليكم رسولا كريما هو محمد بن عبد الله عليه صلوات الله، {يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ الله مُبَيِّنَاتٍ} فيها هدى لكم، وبذلك أخرجكم من الظلمات وعبادة الاوثان الى التور، دين الله القويم الذي بيّن لكم الحقَّ من الباطل.
{وَمَن يُؤْمِن بالله وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ الله لَهُ رِزْقاً} .
فالإيمان مشروط بالعمل، وأي جزاء احسنُ من الجنة وأي رزق أحسن من رزقها!
ثم ذكر بعد ذلك عظيمَ قدرته وسلطانه، وبديعَ خَلْقه لهذا الكونِ العجيب الفسيح يجري أمرُه فيه، {لتعلموا أَنَّ الله على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ الله قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمَا} . صدق الله العظيم.

(3/349)

الصفحة السابقة   ||   الصفحة التالية
بداية الكتاب    ||   محرك البحث