الكتاب: درر الحكام في شرح مجلة الأحكام
    المؤلف: علي حيدر خواجه أمين أفندي (المتوفى: 1353هـ)
    تعريب: فهمي الحسيني
    الناشر: دار الجيل
    الطبعة: الأولى، 1411هـ - 1991م
    عدد الأجزاء:4
    [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

بطاقة الكتاب   ||   إخفاء التشكيل

[مُقَدَّمَةُ كِتَابِ دُرَرِ الْحُكَّامِ مُحْتَوِيَةٌ عَلَى مَقَالَتَيْنِ] [الْمَقَالَةُ الْأُولَى فِي تَعْرِيفِ عِلْمِ الْفِقْهِ وَتَقْسِيمِهِ]
الْمُقَدَّمَةُ مُحْتَوِيَةٌ عَلَى مَقَالَتَيْنِ: الْمَقَالَةُ الْأُولَى فِي تَعْرِيفِ عِلْمِ الْفِقْهِ وَتَقْسِيمِهِ.
(الْمَادَّةُ 1) :
الْفِقْهُ: عِلْمٌ بِالْمَسَائِلِ الشَّرْعِيَّةِ الْعَمَلِيَّةِ الْمُكْتَسَبَةِ مِنْ أَدِلَّتِهَا التَّفْصِيلِيَّةِ.
وَالْمَسَائِلُ الْفِقْهِيَّةُ إمَّا أَنْ تَتَعَلَّقَ بِأَمْرِ الْآخِرَةِ وَهِيَ الْعِبَادَاتُ، وَإِمَّا أَنْ تَتَعَلَّقَ بِأَمْرِ الدُّنْيَا، وَهِيَ تَنْقَسِمُ إلَى مُنَاكَحَاتٍ وَمُعَامَلَاتٍ وَعُقُوبَاتٍ، فَإِنَّ الْبَارِيَ تَعَالَى أَرَادَ بَقَاءَ هَذَا الْعَالَمِ إلَى وَقْتٍ قَدَّرَهُ، وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ بِبَقَاءِ النَّوْعِ الْإِنْسَانِيِّ، وَذَلِكَ يَتَوَقَّفُ عَلَى ازْدِوَاجِ الذُّكُورِ مَعَ الْإِنَاثِ لِلتَّوَلُّدِ وَالتَّنَاسُلِ، ثُمَّ إنَّ بَقَاءَ نَوْعِ الْإِنْسَانِ إنَّمَا يَكُونُ بِعَدَمِ انْقِطَاعِ الْأَشْخَاصِ.
وَالْإِنْسَانُ بِحَسَبِ اعْتِدَالِ مِزَاجِهِ يَحْتَاجُ لِلْبَقَاءِ فِي الْأُمُورِ الصِّنَاعِيَّةِ إلَى الْغِذَاءِ وَاللِّبَاسِ وَالْمَسْكَنِ، وَذَلِكَ أَيْضًا يَتَوَقَّفُ عَلَى التَّعَاوُنِ وَالتَّشَارُكِ بِبَسْطِ بِسَاطِ الْمَدَنِيَّةِ، وَالْحَالُ أَنَّ كُلَّ شَخْصٍ يَطْلُبُ مَا يُلَائِمُهُ وَيَغْضَبُ عَلَى مَنْ يُزَاحِمُهُ، فَلِأَجْلِ بَقَاءِ الْعَدْلِ وَالنِّظَامِ بَيْنَهُمْ مَحْفُوظَيْنِ مِنْ الْخَلَلِ يُحْتَاجُ إلَى قَوَانِينَ مُؤَيَّدَةٍ شَرْعِيَّةٍ فِي أَمْرِ الِازْدِوَاجِ، وَهِيَ قِسْمُ الْمُنَاكَحَاتِ مِنْ عِلْمِ الْفِقْهِ، وَفِيمَا بِهِ التَّمَدُّنُ مِنْ التَّعَاوُنِ وَالتَّشَارُكِ وَهِيَ قِسْمُ الْمُعَامَلَاتِ مِنْهُ، وَلِاسْتِقْرَارِ أَمْرِ التَّمَدُّنِ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ لَزِمَ تَرْتِيبُ أَحْكَامِ الْجَزَاءِ، وَهِيَ قِسْمُ الْعُقُوبَاتِ مِنْ الْفِقْهِ.
وَهَا هُوَ ذَا قَدْ بُوشِرَ تَأْلِيفُ هَذِهِ الْمَجَلَّةِ مِنْ الْمَسَائِلِ الْكَثِيرَةِ الْوُقُوعِ فِي الْمُعَامَلَاتِ غِبَّ اسْتِخْرَاجِهَا وَجَمْعِهَا مِنْ الْكُتُبِ الْمُعْتَبَرَةِ وَتَقْسِيمِهَا إلَى كُتُبٍ وَتَقْسِيمِ الْكُتُبِ إلَى أَبْوَابٍ وَالْأَبْوَابِ إلَى فُصُولٍ، فَالْمَسَائِلُ الْفَرْعِيَّةُ الَّتِي يُعْمَلُ بِهَا فِي الْمَحَاكِمِ هِيَ الْمَسَائِلُ الَّتِي سَتُذْكَرُ فِي الْأَبْوَابِ وَالْفُصُولِ؛ لِأَنَّ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ الْفُقَهَاءِ قَدْ أَرْجَعُوا الْمَسَائِلَ الْفِقْهِيَّةَ إلَى قَوَاعِدَ كُلِّيَّةٍ كُلٌّ مِنْهَا ضَابِطٌ وَجَامِعٌ لِمَسَائِلَ كَثِيرَةٍ، وَتِلْكَ الْقَوَاعِدُ مُسَلَّمَةٌ مُعْتَبَرَةٌ فِي الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ تُتَّخَذُ أَدِلَّةً لِإِثْبَاتِ الْمَسَائِلِ وَتَفَهُّمِهَا فِي بَادِئِ الْأَمْرِ فَذِكْرُهَا يُوجِبُ الِاسْتِئْنَاسَ بِالْمَسَائِلِ وَيَكُونُ وَسِيلَةً لِتَقَرُّرِهَا فِي الْأَذْهَانِ، فَلِذَا جُمِعَ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ قَاعِدَةً فِقْهِيَّةً وَحُرِّرَتْ مَقَالَةٌ ثَانِيَةٌ فِي الْمُقَدِّمَةِ عَلَى مَا سَيَأْتِي.
ثُمَّ إنَّ بَعْضَ هَذِهِ الْقَوَاعِدِ وَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ إذَا انْفَرَدَ يُوجَدُ مِنْ مُشْتَمِلَاتِهِ بَعْضُ الْمُسْتَثْنَيَاتِ لَكِنْ لَا تَخْتَلُّ كُلِّيَّتُهَا وَعُمُومُهَا مِنْ حَيْثُ الْمَجْمُوعُ لِمَا أَنَّ بَعْضَهَا يُخَصِّصُ وَيُقَيِّدُ بَعْضًا.

(1/17)

الصفحة السابقة   ||   الصفحة التالية
بداية الكتاب    ||   محرك البحث