الكتاب: المنتقى شرح الموطإ المؤلف: أبو الوليد سليمان بن خلف بن سعد بن أيوب بن وارث التجيبي القرطبي الباجي الأندلسي (المتوفى: 474هـ) الناشر: مطبعة السعادة - بجوار محافظة مصر الطبعة: الأولى، 1332 هـ (ثم صورتها دار الكتاب الإسلامي، القاهرة - الطبعة: الثانية، بدون تاريخ) عدد الأجزاء: 7 [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] الموطأ بأعلى الصفحة، يليه - مفصولا بفاصل - شرح الباجي |
[خِطْبَة الْكتاب] . (1/2)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[المنتقى]
(قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْعَالِمُ الْعَلَّامَةُ الْهُمَامُ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ سُلَيْمَانُ بْنُ خَلَفٍ الْبَاجِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -) :
الْحَمْدُ لِلَّهِ فَالِقِ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ بُشْرًا، مَلِكِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ، وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ لَمْ يُشْرِكْ فِي مُلْكِهِ أَحَدًا وَلَمْ يَتَّخِذْ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ أَرْسَلَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ وَبَيِّنَاتٍ مِنْ الرَّشَادِ وَوَعْدِ الصِّدْقِ.
وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ كِتَابَهُ الْمَجِيدَ الَّذِي لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ فَبَلَّغَهُ لِلنَّاسِ كَافَّةً وَبَيَّنَهُ لِلْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ حَتَّى كَمَلَ دِينُ الْإِسْلَامِ وَتَقَرَّرَتْ شَرَائِعُهُ وَلَاحَتْ سُبُلُ الْأَحْكَامِ وَثَبَتَتْ مَنَاهِجُهُ وَأَمَرَ بِتَبْلِيغِهِ إلَى مَنْ شَهِدَهُ وَإِلَى مَنْ سَمِعَهُ وَمَنْ لَمْ يَسْمَعْهُ لِتَكُونَ مَعَالِمُ الدِّينِ بَعْدَهُ لَائِحَةً وَأَحْكَامُهُ عَلَى مَا أَثْبَتَهَا بَاقِيَةً فَصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَتْبَاعِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا.
(أَمَّا بَعْدُ) وَفَّقَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ لِمَا يُرْضِيهِ فَإِنَّك ذَكَرْت أَنَّ الْكِتَابَ الَّذِي أَلَّفْتُ فِي شَرْحِ الْمُوَطَّأِ الْمُتَرْجَمَ بِكِتَابِ الِاسْتِيفَاءِ يَتَعَذَّرُ عَلَى أَكْثَرِ النَّاسِ جَمْعُهُ وَيَبْعُدُ عَنْهُمْ دَرْسُهُ لَا سِيَّمَا لِمَنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ فِي هَذَا الْعِلْمِ نَظَرٌ وَلَا تَبَيَّنُ لَهُ فِيهِ بَعْدُ أَثَرٌ فَإِنَّ نَظَرَهُ فِيهِ يُبَلِّدُ خَاطِرَهُ وَيُحَيِّرُهُ وَلِكَثْرَةِ مَسَائِلِهِ وَمَعَانِيهِ يَمْنَعُ تَحَفُّظَهُ وَفَهْمَهُ.
وَإِنَّمَا هُوَ لِمَنْ رَسَخَ فِي الْعِلْمِ وَتَحَقَّقَ بِالْفَهْمِ وَرَغِبْتُ أَنْ أَقْتَصِرَ فِيهِ عَلَى الْكَلَامِ فِي مَعَانِي مَا يَتَضَمَّنُهُ ذَلِكَ الْكِتَابُ مِنْ الْأَحَادِيثِ وَالْفِقْهِ وَأَصْلِ ذَلِكَ مِنْ الْمَسَائِلِ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا فِي أَصْلِ كِتَابِ الْمُوَطَّأِ لِيَكُونَ شَرْحًا لَهُ وَتَنْبِيهًا عَلَى مَا يُسْتَخْرَجُ مِنْ الْمَسَائِلِ مِنْهُ وَيُشِيرُ إلَى الِاسْتِدْلَالِ عَلَى