الكتاب: المجموع شرح المهذب ((مع تكملة السبكي والمطيعي))
    المؤلف: أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ)
    الناشر: دار الفكر
    (طبعة كاملة معها تكملة السبكي والمطيعي)
    [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

بطاقة الكتاب   ||   إخفاء التشكيل

(فَرْعٌ)
قَالَ أَصْحَابُنَا لَا يُسْتَحَبُّ لِلنِّسَاءِ تَقْبِيلُ الحجر ولا استلامه إلا عند خلوا لمطاف فِي اللَّيْلِ أَوْ غَيْرِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ ضَرَرِهِنَّ وَضَرَرِ الرِّجَالِ بِهِنَّ
* (فَرْعٌ)
لِلْكَعْبَةِ الْكَرِيمَةِ أَرْبَعَةُ أَرْكَانٍ - الرُّكْنُ الْأَسْوَدُ - ثُمَّ الرُّكْنَانِ الشَّامِيَّانِ ثُمَّ الرُّكْنُ الْيَمَانِي وَيُقَالُ لِلْأَسْوَدِ وَالْيَمَانِي الْيَمَانِيَانِ - بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ - وَيَجُوزُ تَشْدِيدُهَا عَلَى لُغَةٍ قَلِيلَةٍ
* فَالْأَسْوَدُ وَالْيَمَانِي مَبْنِيَّانِ عَلَى قَوَاعِدِ إبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالشَّامِيَّانِ لَيْسَا عَلَى قَوَاعِدِهِ بَلْ مُغَيَّرَانِ لِأَنَّ الْحِجْرَ يَلِيهِمَا وَكُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ مِنْ الْبَيْتِ كَمَا سَبَقَ
* وَلِلرُّكْنِ الْأَسْوَدِ فَضِيلَتَانِ كَوْنُ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ فِيهِ وَكَوْنُهُ عَلَى قَوَاعِدِ إبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِلرُّكْنِ الْيَمَانِي فَضِيلَةٌ وَاحِدَةٌ وَهِيَ كَوْنُهُ عَلَى قَوَاعِدِ إبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ لِلشَّامِيِّينَ شئ مِنْ الْفَضِيلَتَيْنِ
* فَإِذَا عَرَفْت هَذَا فَالسُّنَّةُ فِي الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ اسْتِلَامُهُ وَتَقْبِيلُهُ وَالسُّنَّةُ فِي الرُّكْنِ اليماني استلامه ولا يقبل والسنة أن لَا يُقَبَّلُ الشَّامِيَّانِ وَلَا يُسْتَلَمَانِ فَخَصَّ الْأَسْوَدَ بِالتَّقْبِيلِ مَعَ الِاسْتِلَامِ لِأَنَّ فِيهِ فَضِيلَتَيْنِ وَالْيَمَانِيَ بِالِاسْتِلَامِ لِأَنَّ فِيهِ فَضِيلَةً وَاحِدَةً وَانْتَفَتْ الْفَضِيلَتَانِ فِي الشَّامِيَّيْنِ
* وَاسْتَدَلَّ أَصْحَابُنَا لِمَا ذَكَرْته بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ (مَا تَرَكْت اسْتِلَامَ هَذَيْنِ الرُّكْنَيْنِ
الْيَمَانِي وَالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ مُنْذُ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَلِمُهُمَا فِي شِدَّةٍ وَلَا رَخَاءٍ) رَوَاهُ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (كَانَ لَا يَسْتَلِمُ إلَّا الْحَجَرَ وَالرُّكْنَ الْيَمَانِيَ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَهَذَا لَفْظُ مُسْلِمٍ وَلَفْظُ الْبُخَارِيِّ قَالَ (لَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَلِمُ مِنْ البيت الي الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَيْنِ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ حِينَ بَلَغَهُ حَدِيثُ عَائِشَةَ السَّابِقُ (لَوْلَا أن قومك حديثوا عَهْدٍ بِكُفْرٍ) الْحَدِيثَ قَالَ ابْنُ عُمَرَ لَئِنْ كَانَتْ عَائِشَةُ سَمِعَتْ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَرَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرَكَ اسْتِلَامَ الرُّكْنَيْنِ اللَّذَيْنِ يَلِيَانِ الْحِجْرَ إلَّا أَنَّ الْبَيْتَ لم يتم عَلَى قَوَاعِدِ إبْرَاهِيمَ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ (وَأَمَّا) حَدِيثُ أَبِي الشَّعْثَاءِ قَالَ (كَانَ مُعَاوِيَةُ يَسْتَلِمُ الْأَرْكَانَ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ إنَّهُ لَا يستلم هذان الركنان فقال ليس شئ مِنْ الْبَيْتِ مَهْجُورًا وَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يَسْتَلِمُهُنَّ كُلُّهُنَّ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ فَهَذَا مَذْهَبُ مُعَاوِيَةَ وَابْنِ الزُّبَيْرِ لَمْ يَرْوِيَاهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلْ أَخَذَاهُ بِاجْتِهَادِهِمَا وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ وَقَدْ خَالَفَهُمَا فِيهِ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَجُمْهُورُ الصَّحَابَةِ فَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ اسْتِلَامُ الرُّكْنَيْنِ الشَّامِيَّيْنِ (وَأَمَّا) قول معاوية (ليس شئ مِنْ الْبَيْتِ مَهْجُورًا) فَقَدْ أَجَابَ عَنْهُ الشَّافِعِيُّ

(8/34)

الصفحة السابقة   ||   الصفحة التالية
بداية الكتاب    ||   محرك البحث