الكتاب: إمتاع الأسماع بما للنبي من الأحوال والأموال والحفدة والمتاع
    المؤلف: أحمد بن علي بن عبد القادر، أبو العباس الحسيني العبيدي، تقي الدين المقريزي (المتوفى: 845هـ)
    المحقق: محمد عبد الحميد النميسي
    الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت
    الطبعة: الأولى، 1420 هـ - 1999 م
    عدد الأجزاء: 15
    [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

بطاقة الكتاب   ||   إخفاء التشكيل

من الشدة [ (1) ] والغط ما لا يعبر عنه، ففي الحديث: كان مما يعالج من التنزيل شدة [ (1) ] ، وقالت عائشة رضي اللَّه عنها: «فلقد رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد [البرد] [ (2) ] فيفصم عنه وإن جبينه ليفصد عرقا» وقال تعالى: إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا [ (3) ] ولأجل هذه الحالة في تنزيل الوحي كان المشركون يرمون الأنبياء بالجنون ويقولون: له رئي أو تابع من الجن، وإنما لبس عليهم بما شاهدوه من ظاهر تلك الحال وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ [ (4) ] .
ومن علاماتهم أيضا أنهم يوجد لهم قبل الوحي خلق الخير والزكاة ومجانبة المذمومات والرجس أجمع، وهذا هو معنى العصمة، وكأنه مفطور على التنزه عن المذمومات والمنافرة لها، وكأنها منافية لجبلته [ (5) ] ، واعتبر بسقوط إزار رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم [حين] انكشف كيف خرّ مغشيا عليه [ (6) ] ، وبقصده وليمة العرس كيف غشيه النوم ليله كله ولم يحضر شيئا من شأنهم [ (7) ] ، بل نزّهه اللَّه عن ذلك بجبلته [ (1) ] حتى أنه عليه السلام ليتنزه عن المطعومات المستكرهة، فلم يقرب البصل ولا الثوم، فلما قيل له في ذلك
قال: إني أناجي من لا تناجي [ (8) ] ،
وانظر
لما أخبر.....
__________
[ (1) ] قال بعضهم: وإنما كان شديدا عليه ليستجمع قلبه فيكون أوعى لما سمع، وقيل: إنه إنما كان ينزل هكذا إذا نزلت آية وعيد أو تهديد، وهذا فيه نظر، والظاهر أنه لا يختص بالقرآن، وفائدة هذه الشدة ما يترتب على المشقة من زيادة الزلفى والدرجات. (فتح الباري) : 1/ 27.
[ (2) ] تكملة من (البخاري) .
[ (3) ] المزمل: 5.
[ (4) ] الرعد: 33.، الزمر: 23.، الزمر: 36.، غافر: 33.
[ (5) ] جبل اللَّه الخلق يجبلهم ويجبلهم: خلقهم. وجبله على الشيء: طبعه. وجبل الإنسان على هذا الأمر أي طبع عليه، وجبلة الشيء: طبيعته وأصله وما بني عليه. قال تعالى: وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيراً، خلقا كثيرا، وقوله تعالى: وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ، الخلقة الأولين. آية 62/ يس، آية 184/ الشعراء، على الترتيب. (لسان العرب) : 11/ 98- 99.
[ (6) ] سبق ذكره وتخريجه، حيث أورده أبو نعيم في (دلائل النبوة) ، باب: «ومما عظّم به صلّى اللَّه عليه وسلّم وحرس منه أن لا يتعرى كفعل قومه وأهله، وإذا حفظ من التعري، فما فوقه أولى أن يعصم منه وينهى عنه» .
[ (7) ] سبق ذكره وتخريجه، حيث أورده أبو نعيم في (دلائل النبوة) ، باب: «ذكر ما خصه اللَّه عزّ وجلّ به من العصمة، وحماه من التدين بدين الجاهلية، وحراسته إياه عن مكائد الجن والإنس، واحتيالهم عليه صلّى اللَّه عليه وسلّم» .
[ (8) ]
أخرجه البخاري في كتاب (الأذان) ، باب: ما جاء في الثوم النّيّء والبصل، والكرّاث، حديث رقم (855) ، قوله: «كل فإنّي أناجي من لا تناجي» ،
أي الملائكة:
(فتح الباري) :

(2/378)

الصفحة السابقة   ||   الصفحة التالية
بداية الكتاب    ||   محرك البحث