الكتاب: نخب الذخائر في أحوال الجواهر المؤلف: محمد بن إبراهيم بن ساعد الأنصاري السنجاري البخاري، المعروف بابن الإكفاني (المتوفى: 749هـ) [الكتاب مرقم آليا غير موافق للمطبوع] |
بسم الله الرحمن الرحيم (1/1)
والصّلاة على سيدنا محمد وآله وبعد، فهذا كتابٌ لخصت فيه خلاصة كلام الأقدمين والمأخرين من الحكماء المعتبرينفي ذكر الجواهر النفيسة بأصنافها وصفاتها يقول العبد الفقير إلى الواحد الباري، محمد بن إبراهيم بن ساعد الأنصاري: الحمد لله كفاء أفضاله، ومعادنها المعروفة: وقيمتها المشهورة المألوفة، وخواصها ونافعها بأوضح لفظ، وأصح معنى ووسمته " بنخب فيه القشر عن اللباب. والله أسأل أن ينفع به، بمحمدٍ وآله.
القول على
الياقوت
أصنافه أربعةٌ: (الأحمر) وهو أعلاها رتبة، وأغلاها قيمةً و (الأصفر) ،و (الأزرق) ،و (الأبيض) .
وللأحمر سبع مراتب: أعلاها الرمّاني، ثم البهرماني ثم الأرجواني، ثم اللّحميّ، ثم البنفسجي، ثم الجلناريّ، ثم الوردي.
(فالرماني) هو الشبيه بحب الرمان الغضّ، الخالص الحمرة، الشديد الصبغ، الكثير الماء، ويؤخذ لونه بأن يقطر على صفيحة فضة مجلاة قطرة دم قرمز، أعني من عرق ضارب فلون تلك القطرة على تلك الصفيحة هو (الرماني) الجوهريين، (والبهرماني) يشبه بلون البهرماني، وهو الصبغ الخالص، الحاصل عن العصفر دون زردج. ومن الجوهريين وهو من عن من يفضل البهرماني الرمانيّ، والتفضيل إنما هو بشدة الصّبغ وكثرة المائية، والشعاع ومنهم من يقول: هما شيءُ واحد وإنما أهل العراق يقولون: بهرمانيّ، وأهل خراسان يقولون: رمانيّ. فالخلاف لفظيٌ.
(والأرجواني) أيضاً شديد الحمرة. وقيل: كان الأرجوانيّ لباس قياصرة الرّوم. وكان محظوراً عن السوقة إلى زمن الإسكندر، فإنه اقتضى رأيه أن لا يختص الملك بلباسٍ يعرف به، فيقصد.
ومنهم من يسمي الأرجوانيّ: (الجمريّ) ، بالجيم، تشبيهاً له بالجمر المتقد. وصحفه بعضهم (بالخمري) وكأنّ الخمريّ هو البنفسجيّ.
وأما (اللحمي) فهو دون الأرجوانيّ في الحمرة، يشبه ماء اللحم الطريّ الذي لم يشبه ملحُ.
و (البنفسجي) يشوبه كهبةٌ تخرجه عن خالص الحمرة وهو لون البنفسج المعروف بالماذنبيّ وأما (الجلناريّ) فتشوبه بعض صفرةٍ و (الوردي) يشوبه بياض، وهو أنزل طبقات الأحمر.
وأجود هذه الألوان كلها: ما توفر صبغه، وماؤه، وشعاعه، وخلا عن (النمش) ، وعن (الخرمليات) وهي حجارة تختلط به، وعن (الرتم) ، وهو وسخ فيه شبه الطين، وعن (التفث) وهو كالصدع في الزجاجة، إذا صدمت يمنع نفود الضياء والإشفاف. وهذا قد يكون أصلياً، وقد يكون عارضاً.
ومن عيوبه أيضاً اختلاف الصبغ، فيشبه البلقة، ومنها غمامةٌ بيضاء صدفيةٌ، تتصل ببعض سطوحه، فإن لم تكن غائرةً، ذهبت بالحكّ، وإذا خالط الحمرة لون غيرها، يزول بالحمي بالنار بتدريج، وتبقى الحمرة خالصةً، ولا يثبت على النار غيرها، ومتى زالت الحمرة بالحمي، فليس بياقوت.
ومعدن الياقوت بجبلٍ يسمى (الراهون) في جزيرة سرنديب وفي سيلان ومكران، ومعدن الياقوت الأصفر، والأزرق، وتحت جبلها (البرق) معدن الياقوت الأحمر.
والياقوت، أصلب الجواهر، ولا يخدشه منها إلاّ الماس ولا ينجلي بخشب العشر الرطب، وإنما يسوى بالسنباذج، ويجلى على صفيحة نحاس بالجزع المكاس والماء، وهو أشدّ الجوهر صقالاً. وأكثرها ماءً، وشعاعه في الليل في ضوءٍ الشمع أحمر. وشعاع البلخش ونحوه أبيض.
وذكر القدماء أنّ قيمة المثقال الفائق من الياقوت الأحمر ثلاثة آلاف دينار. وأما في الدولة العباسيّة، فإنّ الغالب من قيمته، أنّ الجيد منه، إذا كان وزن طسوجٍ، يساوي خمسة دنانير، وضعفه عشرين ديناراً، وسدس مثقال ثلثون ديناراً، وثلث مثقال مائةً وعشرين ديناراً، ونصف مثقال، أربعمائة دينارٍ. والمثقال بألف دينارٍ، والمثقال ونصف بألفي دينارٍ، هذا ما تقرر في أيام المأمون مع كثرة الجوهر في ذلك الزمان.
والمقال من (البهرمانيّ) بثمانيمائة دينار.
ومن (الأرجواني) بخمس مائة دينارٍ.
ومن (الجلناريّ) بمائتي دينارٍ ومن (اللّحمي) بمائة دينار.
و (البنفسجي) يقاربه.
و (الوردي) دون ذلك.
وكان في خزانة الأمير (يمين الدولة) ياقوتة شكلها شكل حبة العنب، وزنها اثنا عشر مثقالاً، قومت بعشرين ألف دينار.
وكان للمقتدر فصّ يسمى (ورقة الآس) لأنه كان على شكلها وزنه مثقالان، إلا شعيرتين اشتراه بستين ألف درهم.