الكتاب: السنة المؤلف: أبو عبد الله محمد بن نصر بن الحجاج المَرْوَزِي (المتوفى: 294هـ) المحقق: سالم أحمد السلفي الناشر: مؤسسة الكتب الثقافية - بيروت الطبعة: الأولى، 1408 عدد الأجزاء: 1 [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع، وهو ضمن خدمة التخريج] |
1 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا الْمُسْتَمِرُّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، فِي هَذِهِ الْآيَةِ {وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ} [الحجرات: 7] قَالَ: §هَذَا نَبِيُّكُمْ وَخِيَارُ أُمَّتِكُمْ فَكَيْفَ أَنْتُمْ؟ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: أُولُو الْأَمْرِ أُمَرَاءُ سَرَايَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: وَهُوَ يُشْبِهُ مَا قَالَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ؛ لِأَنَّ مَنْ كَانَ حَوْلَ مَكَّةَ مِنَ الْعَرَبِ لَمْ تَكُنْ تَعْرِفُ إِمَارَةً، وَكَانَتْ تَأْنَفُ أَنْ يُعْطِيَ بَعْضُهَا بَعْضًا طَاعَةَ الْإِمَارَةِ فَلَمَّا دَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالطَّاعَةِ لَمْ تَكُنْ تَرَى ذَلِكَ يَصْلُحُ لِغَيْرِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأُمِرُوا أَنْ يُطِيعُوا أُولِي الْأَمْرِ الَّذِينَ أَمَّرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا طَاعَةً مُطْلَقَةً، بَلْ طَاعَةً مُسْتَثْنًى مِنْهَا لَهُمْ، فَقَالَ تَعَالَى: { «فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ» } [النساء: 59] يَعْنِي: إِنِ اخْتَلَفْتُمْ فِي شَيْءٍ يَعْنِي - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - هُمْ وَأُمَرَاؤُهُمُ الَّذِينَ أُمِرُوا بِطَاعَتِهِمْ { «فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ» } [النساء: 59] يَعْنِي - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - إِلَى مَا قَالَ اللَّهُ وَالرَّسُولُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَا تَنَازَعُوا فِيهِ نَصًّا فِيهِمَا، وَلَا فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا رُدَّ قِيَاسًا عَلَى أَحَدِهِمَا. وسَمِعْتُ إِسْحَاقَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ { «وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ» } [النساء: 59] : قَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ تَفْسِيرُ الْآيَةِ عَلَى أُولِي الْعِلْمِ، وَعَلَى أُمَرَاءِ السَّرَايَا؛ لِأَنَّ الْآيَةَ الْوَاحِدَةَ يُفَسِّرُهَا الْعُلَمَاءُ عَلَى أَوْجُهٍ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِاخْتِلَافٍ (1/7)
2 - وَقَدْ قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: لَيْسَ فِي تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ اخْتِلَافٌ إِذَا صَحَّ الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ، وَقَالَ: أَيَكُونُ شَيْءٌ أَظْهَرَ خِلَافًا فِي الظَّاهِرِ مِنَ الْخُنَّسِ؟ -[8]- قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: هِيَ: بَقَرُ الْوَحْشِ، وَقَالَ عَلِيٌّ: هِيَ النُّجُومُ قَالَ سُفْيَانُ: وَكِلَاهُمَا وَاحِدٌ؛ لِأَنَّ النُّجُومَ تَخْنَسُ بِالنَّهَارِ وَتَظْهَرُ بِاللَّيْلِ، وَالْوَحْشِيَّةُ إِذَا رَأَتْ إِنْسِيًّا خَنَسَتْ فِي الْغِيضَانِ وَغَيْرِهَا، وَإِذَا لَمْ تَرَ إِنْسِيًّا ظَهَرَتْ، قَالَ سُفْيَانُ: فَكُلٌّ خُنَّسٌ قَالَ إِسْحَاقُ: وَتَصْدِيقُ ذَلِكَ مَا جَاءَ عَنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَاعُونِ " يَعْنِي أَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ: هُوَ الزَّكَاةُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَارِيَةُ الْمَتَاعِ.
3 - قَالَ: وَقَالَ عِكْرِمَةُ: أَعْلَاهُ الزَّكَاةُ وَعَارِيَةُ الْمَتَاعِ مِنْهُ، قَالَ إِسْحَاقُ: وَجَهِلَ قَوْمٌ هَذِهِ الْمَعَانِيَ، فَإِذَا لَمْ تُوَافِقِ الْكَلِمَةُ الْكَلِمَةَ قَالُوا: هَذَا اخْتِلَافٌ
4 - وَقَدْ قَالَ الْحَسَنُ، وَقَدْ ذُكِرَ عِنْدَهُ الِاخْتِلَافُ فِي نَحْوِ مَا وَصَفْنَا، فَقَالَ: إِنَّمَا أُتِيَ الْقَوْمُ مِنْ قِبَلِ الْعُجْمَةِ،
5 - قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَبَضَ اللَّهُ رَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِ بَعْدَ أَنْ أَكْمَلَ لِلْمُسْلِمِينَ دِينَهُمْ، فَقَالَ: { «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ، وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي، وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا» } [المائدة: 3] نَزَلَتْ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاقِفٌ بِعَرَفَاتٍ، فَلَمْ يَنْزِلْ بَعْدَهَا حَلَالٌ وَلَا حَرَامٌ، وَرَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَاتَ وَأَمَرَهُمُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِالِاجْتِمَاعِ عَلَى مَا جَاءَهُمْ عَنْهُ، وَنَهَاهُمْ عَنِ التَّفَرُّقِ مِنْ بَعْدِ أَنْ جَاءَهُمُ الْبَيَانُ، فَقَالَ: { «وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا، وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا» } [آل عمران: 103] ، وَقَالَ سُبْحَانَهُ: { «وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ» } [آل عمران: 105]
6 - وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَقَاطَعُوا وَلَا تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا»
-[9]-
7 - وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ»
8 - وَقَالَ: «مَنْ أَرَادَ بُحْبُوحَةَ الْجَنَّةِ فَلْيَلْزَمِ الْجَمَاعَةَ»