الكتاب: حاشية العدوي على شرح كفاية الطالب الرباني
    المؤلف: أبو الحسن, علي بن أحمد بن مكرم الصعيدي العدوي (نسبة إلى بني عدي، بالقرب من منفلوط) (المتوفى: 1189هـ)
    المحقق: يوسف الشيخ محمد البقاعي
    الناشر: دار الفكر - بيروت
    الطبعة: بدون طبعة
    تاريخ النشر: 1414هـ - 1994م
    عدد الأجزاء: 2
    [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
    «كفاية الطالب الرباني» بأعلى الصفحة يليه - مفصولا بفاصل - «حاشية العدوي» عليه

بطاقة الكتاب   ||   إخفاء التشكيل

[مُقَدِّمَة الْكتاب]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَبَعْدُ فَيَقُولُ الْعَبْدُ الْفَقِيرُ لِرَحْمَةِ رَبِّهِ الْقَدِيرِ عَلِيٌّ أَبُو الْحَسَنِ الْمَالِكِيُّ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ وَلِوَالِدَيْهِ وَمَشَايِخِهِ وَأَوْلَادِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية العدوي]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الْكَرِيمِ السَّتَّارِ، الْمُنْعِمِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْغَفَّارِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنْ نَرْجُو مِنْ الْمَوْلَى الْكَرِيمِ صُحْبَتَهُ فِي دَارِ الْقَرَارِ، مُحَمَّدٍ وَآلِهِ السَّادَةِ الْأَبْرَارِ.
(وَبَعْدُ) فَيَقُولُ الْفَقِيرُ لِرَحْمَةِ مَوْلَاهُ عَلِيٌّ الصَّعِيدِيُّ الْعَدَوِيُّ الْمَالِكِيُّ: لَمَّا أَرَادَ الْمَوْلَى جَلَّ جَلَالُهُ وَعَظُمَ شَأْنُهُ بِالْمُذَاكَرَةِ مَعَ الْإِخْوَانِ فِي كِفَايَةِ الطَّالِبِ الرَّبَّانِيِّ عَلَى رِسَالَةِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ الْقَيْرَوَانِيِّ، وَظَهَرَ بَعْضُ تَقَايِيدَ أَرَدْت أَنْ أَجْمَعَهَا لِنَفْسِي، وَمَنْ هُوَ قَاصِرٌ مِثْلِي، جَعَلَهَا اللَّهُ خَالِصَةً لِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ، وَسَبَبًا لِلْفَوْزِ بِجِنَانِ النَّعِيمِ، فَأَقُولُ وَهُوَ حَسْبِي وَنِعْمَ الْوَكِيلُ.
[قَوْلُهُ: وَبَعْدُ] قَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ الْوَاوَ نَائِبَةٌ عَنْ أَمَّا، وَأَمَّا نَائِبَةٌ عَنْ مَهْمَا، فَالْوَاوُ نَائِبَةُ النَّائِبِ، بِدَلِيلِ الْفَاءِ فِي حَيِّزِهَا كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْفَاءُ زَائِدَةً، وَالظَّرْفُ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ يَقُولُ قُدِّمَ لِلْحَصْرِ وَالْوَاوُ إمَّا عَاطِفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ الْبَسْمَلَةِ أَوْ لِلِاسْتِئْنَافِ، أَيْ وَبَعْدَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْبَسْمَلَةِ، فَإِنْ قُلْت كَمَا تُطْلَبُ الْبُدَاءَةُ بِالْبَسْمَلَةِ. تُطْلَبُ الْبُدَاءَةُ بِالْحَمْدَلَةِ. وَلَمْ يَبْتَدِئْ ذَلِكَ الشَّرْحَ بِهَا، فَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ:
الْأَوَّلُ: يَدَّعِي أَنَّهُ حَمِدَ لَفْظًا فَالْمَعْنَى وَبَعْدَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْبَسْمَلَةِ وَالْحَمْدَلَةِ أَوْ أَنَّ الْعَمَلَ عَلَى رِوَايَةِ ذِكْرِ اللَّهِ وَهُوَ قَدْ حَصَلَ بِالْبَسْمَلَةِ؛ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ إذَا وَرَدَ مُطْلَقٌ وَهُوَ فِي الْمَقَامِ رِوَايَةُ ذِكْرِ اللَّهِ وَمُقَيَّدَانِ وَهُوَ رِوَايَةُ الْبَسْمَلَةِ وَرِوَايَةُ الْحَمْدَلَةِ فَالْعَمَلُ عَلَى الْمُطْلَقِ، وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّهُ يُحْمَلُ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ فَمَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا اتَّحَدَ الْمُقَيَّدُ وَمَا هُنَا قَدْ تَعَدَّدَ.
[قَوْلُهُ: فَيَقُولُ إلَخْ] أَصْلُهُ يَقُولُ عَلَى وَزْنِ يَنْصُرُ بِضَمِّ الْوَاوِ فَاسْتُثْقِلَتْ الضَّمَّةُ عَلَيْهَا فَنُقِلَتْ إلَى السَّاكِنِ قَبْلَهَا، وَلَا يُقَالُ: إنَّ الضَّمَّةَ عَلَى الْوَاوِ وَكَذَا الْيَاءُ إنَّمَا تَكُونُ ثَقِيلَةً إذَا تَحَرَّكَ مَا قَبْلَهَا، وَأَمَّا عِنْدَ التَّسْكِينِ فَلَا وَلِذَلِكَ أُعْرِبَ دَلْوٌ وَظَبْيٌ بِالْحَرَكَاتِ الظَّاهِرَةِ لِأَنَّا نَقُولُ: إنَّمَا ظَهَرَتْ فِي الِاسْمِ لِخِفَّتِهِ، وَأَمَّا الْفِعْلُ فَثَقِيلٌ وَالثَّقِيلُ لَا يَتَحَمَّلُ مَا فِيهِ ثِقَلٌ، أَوْ أَنَّ عِلَّةَ الثِّقَلِ الْمُشَارَكَةُ بَيْنَ الْمَاضِي وَالْمُضَارِعِ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا سَكَنَتْ فِي الْمَاضِي سَكَنَتْ فِي الْمُضَارِعِ لَكِنْ فِي الْمَاضِي بَعْدَ قَلْبِهَا أَلِفًا فِي الْمُضَارِعِ مَعَ بَقَائِهَا بِدُونِ قَلْبٍ [قَوْلُهُ: الْعَبْدُ] أَيْ الْمَمْلُوكُ لِمَوْلَاهُ بِسَبَبِ الْإِيجَادِ، فَهُوَ اعْتِرَافٌ بِعَدَمِ اسْتِقْلَالِهِ بِأَمْرِهِ، وَتَوْطِئَةٌ لِلْوَصْفِ بِالْفَقِيرِ هَذَا هُوَ الْمُنَاسِبُ مِنْ مَعَانِي الْعَبْدِ فِيمَا يَظْهَرُ [قَوْلُهُ: الْفَقِيرُ] أَيْ دَائِمُ الْحَاجَةِ، فَهُوَ صِفَةٌ مُشَبَّهَةٌ، أَوْ كَثِيرُ الِاحْتِيَاجِ فَهُوَ صِيغَةُ مُبَالَغَةٍ لَكِنْ فِي الثَّانِي شَيْءٌ وَهُوَ أَنَّ الشَّيْخَ وَغَيْرَهُ دَائِمُ الِاحْتِيَاجِ لِإِنْعَامِ رَبِّهِ لَا كَثِيرُهُ الْمُفِيدُ أَنَّهُ قَدْ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فَتَدَبَّرْ.
[قَوْلُهُ: لِرَحْمَةِ] الرَّحْمَةُ رِقَّةٌ فِي الْقَلْبِ وَانْعِطَافٌ وَهِيَ مُسْتَحِيلَةٌ عَلَى الْمَوْلَى، فَأُطْلِقَ اللَّفْظُ وَأُرِيدَ لَازِمُ مَعْنَاهُ الْبَعِيدُ بِمَرْتَبَةٍ وَهُوَ نَفْسُ الْإِنْعَامِ أَوْ بِمَرْتَبَتَيْنِ وَهُوَ نَفْسُ الْمُنْعَمِ بِهِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ فَهِيَ أَيْ الرَّحْمَةُ صِفَةُ فِعْلٍ أَوْ لَازِمُهُ الْقَرِيبُ وَهُوَ إرَادَةُ الْإِنْعَامِ فَتَكُونُ صِفَةَ ذَاتٍ، وَاللَّامُ بِمَعْنَى إلَى وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ لِلتَّعْلِيلِ لِفَسَادِ الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ الرَّحْمَةَ عِلَّةٌ لِلْغِنَى لَا لِلْفَقْرِ؛ لِأَنَّ رَحْمَتَهُ صِفَةُ جَمَالٍ لَا يَصْدُرُ عَنْهَا الْفَقْرُ، وَآثَرَ اللَّامَ عَلَى إلَى مَعَ أَنَّ الْفَقْرَ يَتَعَدَّى بِإِلَى لِلِاخْتِصَارِ.
[قَوْلُهُ: رَبِّهِ] الرَّبُّ قِيلَ: مَصْدَرٌ

(1/3)

الصفحة السابقة   ||   الصفحة التالية
بداية الكتاب    ||   محرك البحث