الكتاب: النهاية في غريب الحديث والأثر المؤلف: مجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد بن محمد ابن عبد الكريم الشيباني الجزري ابن الأثير (المتوفى: 606هـ) الناشر: المكتبة العلمية - بيروت، 1399هـ - 1979م تحقيق: طاهر أحمد الزاوى - محمود محمد الطناحي عدد الأجزاء: 5 [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مشكول ومذيل بالحواشي] |
الجزء الاول (1/3)
مُقَدّمَةُ المؤلّفْ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
أحْمدُ الله على نعمه بجميع مَحامده، وأُثني عليه بآلائه في بادئ الأمر وعائِدِه، وأشكره على وافر عطائه ورافِدِه، وأعترف بلُطْفه في مَصادر التوفيق ومَوارده.
وأَشهد أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عبده ورسوله، شهادَةَ مُتَحَلٍّ بقلائد الإخلاص وفرائِدِه، مستقل بإحكام قواعد التوحيدِ ومَعَاقدِهِ.
وأصلي على رسوله جامعِ نَوافر الإيمان وشَوارِدِه، ورافع أعلام الإسلام ومَطارِدِه «1» ، وشارع نَهْج الهُدى لقاصِدِه، وهادي سبيل الحق وماَهِدِه، وعلى آله وأصحابه حُماة معالم الدين ومَعاهِدِه، ورَادَةِ مَشْرَعِهِ السائغ لوارِدِه.
أما بعد، فلا خلاف بين أُولي الألباب والعقول، ولا ارتياب عند ذَوِي المعارف والمحصول، أنّ علم الحديث والآثار من أشرف العلوم الإسلامية قَدْرا، وأحسنِها ذكرا، وأكملها نفْعا وأعظمها أجرا.
وأنه أحَدُ أَقطاب الأسلام التي يَدُورُ عليها، ومعاقِدِهِ التي أضيفَ إليها، وأنه فَرْضٌ من فروض الكفايات يجب التزامُه، وحق من حقوق الدين يتعين إحكامه واعْتزَامُه.
وهو على هذه الحال- من الاهتمام البيِّن والالتزام المُتعيِّن- ينقسم قسمين: أحدُهما معرفة ألفاظه، والثانى معرفة معانيه. ولا شك أن معرفَةَ ألفاظه مُقَدّمةٌ في الرتبة؛ لأنها الأصل في الخطاب وبها يحْصُل التفاهم، فإذا عُرِفَتْ تَرتَّبتِ المعاني عليها، فكان الإهتمام ببيانها أوْلَى.
ثم الألفاظ تنقَسم إلى مفردة ومركبة، ومعرفة المفردة مقَّدمة على معرفة المركبة؛ لأنّ التركيب فَرْعٌ عن الإفراد.
__________
(1) المطارد جمع مطرد- على وزن منبر-: الرمح القصير.