اسم الكتاب: موسوعة المفاهيم الإسلامية العامة
    المؤلف: المجلس الأعلى للشئون الإسلامية - مصر
    عدد الأجزاء: 1
    أعده للشاملة/ عويسيان التميمي البصري
    [الكتاب مرقم آليا]

بطاقة الكتاب   ||   إخفاء التشكيل

11 - المجوسية
لغة: تَمَجَّسَ الرجل، وتَمَجَّسُوا صاروا مَجُوسا، ومَجَّسُوا أولادهم صيروهم كذلك، ومجسه غيره (1).

ومجوس كصبور: رجل صغير الأذنين كان فى سابق العصور أول من وضع دينا للمجوس ودعا إليه (2).

والمَجُوسية بالفتح نحلة. وفى الحديث: (فأبواه يمجسانه) (3).

ويقول الشهرستانى: (المَجُوسية يقال لها الدين الأكبر، والملة العظمى) (4).

وأطلق العرب اسم المجوس على قرصان النورمان، والسكاندينافيين الذين حاولوا فى القرون الوسطى اقتحام السواحل أو الحدود فى بلاد الغرب الإسلامى (5).

وقد عرفت المجوسية بأنها ديانة الفرس، لأن معظم الفرس كانوا يدينون بها منذ ظهرت فى بلادهم خصوصا (الزرادشتية). التى كانت الدين الرسمى (للدولة الساسانية) التى تأسست عام 226 ق. م وإن كانت بدايتها أسبق من نشأة هذه الدولة بكثير، فشأن المجوسية شأن غيرها من أديان قديمة جابت أرجاء المعمورة فى مصر واليونان والصين والهند والعراق وغيرها، لكنها لم تقتصر على بلاد الفرس وحدها، حيث أن بعض العرب دانوا بها فى هجر وحضرموت وعمان، وقيل: إن بعض العرب كان يدين (بالمزدكية) وممن تمجس من العرب (زرارة بن عدس) وابنه (حاجب) و (الأقرع بن حابس) وغيرهم (6). ولم يرد ذكر المجوس فى القرآن الكريم إلا فى قوله تعالى: {إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة إن الله على كل شىء شهيد} (الحج 17).

ويقرر ابن خلدون أنهم- أى المجوس- من أقدم الأمم، فيقول:

(هذه الأمة- أى المجوس- من أقدم أمم العالم، وأشدهم قوة وآثارا فى الأرض، وكانت لهم دولتان عظيمتان طويلتان:

الأولى- الكينوية، والثانية- الساسانية الكسروية.

ثم يحدد ملكهم فيقول (إن مدة ملكهم من "كيومرث" أبيهم إلى الملك "يزدجرد" أيام عثمان - رضي الله عنه - أربعة آلاف سنة ومائتان وإحدى وثمانون سنة (7).

ولقد مرت المجوسية بمراحل أربعه تمايزت كل منها عن سابقتها:

الأولى- من نشأتها حتى ظهور "زرادشت ".

الثانية- المجوسية فى عهد "زرادشت ".

الثالثة- المجوسية بعد "زرادشت " وحتى ظهور الإسلام.

الرابعة- المجوسية بعد ظهور الإسلام (8).

وللمجوسية عقائدها الفاسدة:

فهم يعتقدون أن للعالم إلهين اثنين، أو أصلين يقتسمان الخير والشر، ويسمون الأول "النور" والآخر "الظلمة"، وبالفارسية "يزدان" و "أهرمن".

ويقول العقاد (9) عن عقيدة زرادشت" فى الألوهية: (وقد حرم "زرادشت" عبادة الأصنام، وقدس النار على أنها هى أصفى وأطهر العناصر المخلوقة لا على أنها هى الخلاق المعبود).

والمجوس يؤمنون بوجود الملائكة، وترى "الكيومرثية" منهم أن الملائكة تقوم بدور الوساطة بين معسكرى النور والظلمة حين تقوم الحرب بينهما فتتم المصالحة.

يقول الشهرستانى (10) حاكيا عن "الكيومرثية" قولها (إنه جرت محاربة بين معسكر النور ومعسكر الظلمة، ثم إن الملائكة توسطوا فصالحوا بينهما). أما زرادشت فيقول: (إن أول ما خُلِق من الملائكة "بهمن" وعلمَهُ الدين وخصه بموضع النور مكانا وأقنعه بذاته ذاتا ثم "أزديهشت" ثم "شهربور" ثم "أسفندارمز" .. وخلق بعضهم من بعض كما يؤخذ السراج من السراج من غير أن ينقص من الأول شىء، وقال لهم من ربكم وخالقكم؟ فقالوا: أنت ربنا وخالقنا).

والمجوس يؤمنون ببعض الرسل وتختلف فرقهم فى التحديد:

فالكيومرثية يعتقدون أن أول الرسل "كيومراث"، و"الزرادشتية" تعتقد أن زرادشت نبى مرسل ثم هم يؤمنون به وبكتابه الذى أنزل عليه (11).

ويقول ابن حزم: (والمجوس لا يقرون بنبوة أحد من الأنبياء إلا زرادشت (12)

ويقول السكسكى (13): فى معرض حديثه عن المجوس (إنهم ينكرون نبوة آدم ونوح عليهما السلام).

وقالوا: لم يرسل الله عز وجل إلا رسولا واحدا لا ندرى من هو؟

وللمجوس كتاب مقدس يسمى "الأوفستا" أو "الأبستاق" يزعمون أنه نزل على نبيهم "زرادشت" من الإله وعمل "زرادشت" تفسيرا له سماه "زندا" (14) والمجوس تؤمن باليوم الآخر والبعث والحساب والجنة والنار والصراط بيد أنه كان إيمانا شائها، وهم يرون أن البعث للأرواح دون الأجساد فهم يعتقدون أن الروح ألبست الجسد من أجل محاربة "أهرمن" وجنوده من الشياطين، فإذا قضى عليهم فإن الروح تخلص من الجسد فيكون البعث بها فقط، ولهم مرائى عجيبة فى مصير الروح بعد مفارقتها الجسد، وبعض فرق المجوس تعتقد فى التناسخ، شأنها فى ذلك شأن معظم الأديان الوضعية القديمة.

ومن فرق المجوس فرقة تسمى التناسخية تقول: بتناسخ الأرواح فى الأجساد والانتقال من شخص إلى شخص آخر. والمجوسمية تؤمن بالمهدية فيذكر الشهرستانى عن "زرادشت " قوله فى كتابه "زند أوستا" سيظهر فى أخر الزمان رجل اسمه "أشيزريكا" ومعناه الرجل العالم يزين العالم بالدين والعدل، ثم يظهر فى زمانه (بتياره) فيوقع الآفة فى أمره، وملكه عشرين سنة، ثم يظهر بعد ذلك (أشيزريكا) على أهل العالم ويحيى العدل، ويميت الجور، ويرد السفن المغيرة إلى أوضاعها الأولى وتنقاد له الملوك، وتتيسر له الأمور، وينصر الدين والحق، ويحصل فى زمانه الأمن، وسكون الفتن، وزوال المحن (15).

وللمجوسية شعائرها الضالة التى فيها:
1 - عبادة النار
2 - تعظيم الملوك ورفعهم إلى مرتبة الألوهية.
3 - الصلوات والزمزمة
4 - شرب الخمر
5 - الولع بالغناء والمعازف
6 - استحلال المحارم

والمجوسية فرق يحددها الإمام الشهرستانى على النحو والترتيب التاليين:
1 - الكيومرثية
2 - الزروانية
3 - الزرادشتية

ثم يفرق بينهم وبين الثنوية فيحصر فرق الثنوية فى:
1 - المانوية
2 - المزدكية
3 - الديصانية
4 - المرقيونية
5 - الكينوية
6 - والصيامية
7 - والتناسخية.

أ. د. عبد السلام محمد عبده
__________
المراجع
1 - لسان العرب لابن منظور مادة (مجس)
2 - تاج العروس من جواهر القاموس لمحمد مرتضى الزييدى 4/ 246.
3 - مختار الصحاح لمحمد بن أبى بكر الرازى مادة (مجس)
4 - الملل والنحل للشهرستانى 1/ 23.
5 - الد ين والفلسفة والعلم أ/ محمود أبو الفيض ص 109.
6 - تاريخ العرب قبل الإسلام جواد على 6/ 234.
7 - تاريخ ابن خلدون 3/ 308.
8 - انظر المجوسية وأثرها فى العالم الإسلامى: رسالة ماجستير أعدها الباحث د/ عقل عبد الكريم العقل- كلية أصول الدين بالرياض جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية من ص 11 إلى 47.
9 - موسوعة العقاد الإسلامية 1/ 110 وما بعدها.
10 - الملل والنحل، للشهرستانى 1/ 233، 242.
11 - الملل والنحل، للشهرستانى 1/ 233.
12 - الفصل فى الملل والأهواء والنحل لابن حزم الأندلسى 1/ 34.
13 - البرهان فى عقائد أهل الأديان للسكسكى تحقيق د/ على بن ناصر عسيرى ص 510
14 - قصة الحضارة لوديورانت 2/ 426.
15 - الملل والنحل للشهرستانى 1/ 254، 256، 257.

(1/581)

الصفحة السابقة   ||   الصفحة التالية
بداية الكتاب    ||   محرك البحث