الكتاب: درر الحكام شرح غرر الأحكام
    المؤلف: محمد بن فرامرز بن علي الشهير بملا - أو منلا أو المولى - خسرو (المتوفى: 885هـ)
    الناشر: دار إحياء الكتب العربية
    الطبعة: بدون طبعة وبدون تاريخ
    عدد الأجزاء: 2
    [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع، ومعه حاشية الشرنبلالي]

بطاقة الكتاب   ||   إخفاء التشكيل

[مُقَدِّمَة الْكتاب]
(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْكَمَ أَحْكَامَ الشَّرْعِ الْقَوِيمِ بِمُحْكَمِ كِتَابِهِ وَأَعْلَى أَعْلَامَ الدِّينِ الْمُسْتَقِيمِ بِمُعْظَمِ خِطَابِهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ الْمُتَطَهِّرِينَ عَنْ النَّقَائِصِ بِتَتْمِيمِ مَسْحِ وُجُوهِهِمْ بِصَعِيدِ بَابِهِ.
(وَبَعْدُ) فَإِنَّ مِنْ الْمُقَدِّمَاتِ الْمُقَرَّرَةِ عِنْدَ أُولِي الْأَبْصَارِ وَالْمُسَلَّمَاتِ الْمُحَرَّرَةِ لَدَى ذَوِي الِاسْتِبْصَارِ أَنَّ شَرَفَ الْإِنْسَانِ فِي الدَّارَيْنِ وَنَيْلَهُ دَرَجَاتِ الْكَمَالِ فِي الْكَوْنَيْنِ إنَّمَا هُوَ بِتَحْلِيَةِ الظَّاهِرِ بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ الدِّينِيَّةِ بَعْدَ تَزْكِيَةِ الْبَاطِنِ بِالْعَقَائِدِ الْإِسْلَامِيَّةِ الْيَقِينِيَّةِ، فَالْعِلْمُ الْمُتَكَفِّلُ بِتَعْرِيفِ الْأُولَى وَبَيَانِهَا وَالْمُتَخَصِّصُ مِنْ بَيْنِ الْعُلُومِ بِالِاهْتِمَامِ بِشَأْنِهَا يَكُونُ مِنْ أَوْلَى الْعُلُومِ بِالِاشْتِغَالِ، وَأَحْرَاهَا لِلْعَزْمِ عَلَيْهِ وَعَقْدِ الْبَالِ وَهُوَ عِلْمُ الْفِقْهِ الَّذِي اعْتَنَى بِشَأْنِهِ عُلَمَاءُ الْأُمَّةِ النَّقِيَّةِ وَبَذَلَ الْوُسْعَ فِي تَشْيِيدِ أَرْكَانِهِ عُظَمَاءُ الْمِلَّةِ الْحَنِيفِيَّةِ.
فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا جَعَلَ نَبِيَّنَا - عَلَيْهِ السَّلَامُ - خَاتَمَ الْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ وَالْمُوَضِّحَ لِأَقْوَمِ الْمَنَاهِجِ وَالسُّبُلِ وَكَانَتْ حَوَادِثُ الْأَيَّامِ خَارِجَةً عَنْ التَّعْدَادِ، وَمَعْرِفَةُ أَحْكَامِهَا لَازِمَةً إلَى يَوْمِ التَّنَادِ، وَلَمْ تَفِ ظَوَاهِرُ النُّصُوصِ بِبَيَانِهِمَا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ طَرِيقٍ لَهَا وَافٍ بِشَأْنِهَا اقْتَضَتْ الْحِكْمَةُ الْآلِهِيَّةُ جَعْلَ مَثَلَ هَذِهِ الْأُمَّةِ مَعَ عُلَمَائِهِمْ كَمَثَلِ بَنِي إسْرَائِيلَ مَعَ أَنْبِيَائِهِمْ فَجَعَلَ فِي قُدَمَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَئِمَّةً كَالْأَعْلَامِ، مَهَّدَ بِهِمْ قَوَاعِدَ الشَّرْعِ، وَشَيَّدَ بُنْيَانَ الْإِسْلَامِ، وَأَوْضَحَ بِآرَائِهِمْ مُعْضِلَاتِ الْأَحْكَامِ لِيَنَالَ الْفَلَاحَ مَنْ اتَّبَعَهُمْ إلَى يَوْمِ الْقِيَامِ، اتِّفَاقُهُمْ حُجَّةٌ قَاطِعَةٌ، وَاخْتِلَافُهُمْ رَحْمَةٌ وَاسِعَةٌ، تُضِيءُ الْقُلُوبُ بِأَنْوَارِ أَفْكَارِهِمْ، وَتَسْعَدُ النُّفُوسُ بِاتِّبَاعِ آثَارِهِمْ، وَخَصَّ مِنْ بَيْنِهِمْ نَفَرًا بِإِعْلَاءِ أَقْدَارِهِمْ وَمَنَاصِبِهِمْ، وَإِبْقَاءِ أَذْكَارِهِمْ وَمَذَاهِبِهِمْ.
إذْ عَلَى أَقْوَالِهِمْ مَدَارُ الْأَحْكَامِ، وَبِمَذَاهِبِهِمْ يُفْتِي فُقَهَاءُ الْإِسْلَامِ، وَخَصَّ مِنْهُمْ الْإِمَامَ الْأَعْظَمَ، وَالْهُمَامَ الْأَقْدَمَ، سِرَاجَ الْمِلَّةِ وَالدِّينِ الثَّابِتِ، الْإِمَامَ أَبَا حَنِيفَةَ نُعْمَانَ الثَّابِتَ، بَوَّأَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَعْلَى غُرَفِ الْجِنَانِ، وَأَفَاضَ عَلَى مَرْقَدِهِ سِجَالَ الْغُفْرَانِ بِكَثْرَةِ الْمُجْتَهِدِينَ مِنْ الْمُتَمَسِّكِينَ بِمَذْهَبِهِ وَغَزَارَةِ مُسْتَنْبَطَاتِهِ وَعُذُوبَةِ مَشْرَبِهِ.
فَإِنَّ مَا أَفَادَهُ مِنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الشرنبلالي]
(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَظْهَرَ فِي هَذِهِ الدَّارِ بِبَدِيعِ قُدْرَتِهِ مَا شَاءَ مِنْ الْمِنَحِ لِمَنْ شَاءَ كَمَا تَعَلَّقَ بِهِ سَوَابِقُ إرَادَتِهِ، وَمَنَّ عَلَى مَنْ شَاءَ مِنْهَا بِمَا شَاءَ فَخَصَّهُ بِجَزِيلِ نِعْمَتِهِ وَوَفَّقَهُ لِنَهْجِ الرَّشَادِ بِمَحْضِ فَضْلِهِ لِمُقْتَضَى حِكْمَتِهِ (وَأَشْهَدُ) أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ شَهَادَةً أُعِدُّهَا لِلْوُقُوفِ بِحَضْرَتِهِ (وَأَشْهَدُ) أَنَّ سَيِّدَنَا وَسَنَدَنَا وَمَلْجَأَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الْبَشِيرُ النَّذِيرُ بِوَاضِحِ شَرِيعَتِهِ شَهَادَةً تُنْجِي قَائِلَهَا مِنْ الْهَفَوَاتِ وَتُقِيلُهُ عِنْدَ عَثْرَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَعِتْرَتِهِ النَّاقِلِينَ إلَيْنَا أَحْكَامَ دِينِهِ وَمِلَّتِهِ مَا تَجَلَّتْ وُجُوهُ الْأَحْكَامِ بِغُرَرِ التَّحْقِيقِ وَتَحَلَّتْ صُدُورُ الْأَحْكَامِ بِدُورِ التَّوْفِيقِ

(1/2)

الصفحة السابقة   ||   الصفحة التالية
بداية الكتاب    ||   محرك البحث