الكتاب: هذا هو الإسلام
    المؤلف: عبدالبصير الحسن
    (بحث مقدم لمسابقة هذا هو الإسلام)
    رابطة العالم الإسلامي
    الهيئة العالمية للتعريف بالإسلام

بطاقة الكتاب   ||   إخفاء التشكيل

الكريم: {كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى}، وحتى يكون تمرد إبليس المعلن على سلطة آدم شذوذاً يؤكد قاعدة حقوق التكريم والتسخير والتفضيل لآدم وذريته.
وإن تحدي إبليس لسلطة آدم من شأنه أن يحمل بني آدم على أن لا يعلو التكريم والتفضيل الإلهي بأنفسهم المغرورة إلى ما فوق قدرها، وأن يظل البشر يكابد ـ بصدق الإيمان ومخلص التقوى ـ للبعد عن الوقوع في شرك الشيطان (أو قوة الشر) الذي تحدى بصلفه أمر الله فقال: {فبعزتك لأغوينهم أجمعين، إلا عبادك منهم المخلصين} (2).
وما أجمل ما جاء في القرآن من حوار بين الله وهو يمثل قوة الخير، ومخلوقه الشيطان. وقد أراد الله من خلقه أن يمارس قوة الشر وطغيان الهوى على البشر الذي حرمه وفضله ابتلاء واختبارا: ألم ير الله على صلفه وكبريائه ويقحمه قائلاً: {إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين} (3).
أما حق التسخير فهو حق تابع منطقيا لحقي التكريم والتفضيل، أي تسخير ما عدى الإنسان لقدرة الإنسان من حيوان ونبات، وعوالم وأجرام، وأرض وسماوات وفضاءات، وما حفلت به الأرض من عطاء إلهي، وما احتضنته في باطنها من خيرات، وما زخرت به أعماق البحار، وما يكتشفه الإنسان خارج الفضاء المسكون، لا يستثنى من هذا التعميم وهذه الشمولية حتى الملائكة الأطهار الذين سخرهم الله لخدمة الإنسان لنقل الرسالة الهادية إلى أصفيائه ورسله، أولئك الملائكة حملة الوحي الإلهي لإرشاد البشر إلى نهج الحكمة الذي يساعده على ممارسة التسخير والتحكم العقلاني في المخلوقات الأخرى وفي إصلاح الأرض خاصة.
قال تعالى في كتابه الكريم:
{ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض} (4).
{وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه} (5).
{وسخر لكم الفلك لتجري في البحر بأمره} (6).
{وسخر لكم الأنهار} (7).
{وسخر لكم الشمس والقمر دائبين} (8).

(1/379)

الصفحة السابقة   ||   الصفحة التالية
بداية الكتاب    ||   محرك البحث