الكتاب: شرح سلم الوصول في علم الأصول
    المؤلف: أبو عبد الله، أحمد بن عمر بن مساعد الحازمي
    مصدر الكتاب: دروس صوتية قام بتفريغها موقع الشيخ الحازمي
    http://alhazme.net
    [ الكتاب مرقم آليا، ورقم الجزء هو رقم الدرس - 18 درسا]

بطاقة الكتاب   ||   إخفاء التشكيل

(إثْبَاتُ ذَاتِ الرَّبِّ جَلَّ وعَلاَ)، ذكر الشارح دليلاً على وجود الخالق جل وعلا، والأدلة التي تُذكر على إثبات وجوده سبحانه إنما هي أدلة سمعية عقلية، يعني الدليل العقلي كما نبه ابن تيمية رحمه الله تعالى في ((الأكملية)) أنه قد يُفهم من الدليل العقلي أنه ما يقابل السمعي، حينئذٍ ليس في الأدلة السمعية ما هو دليل عقلي، هذا غلط، بل الدليل السمعي الذي هو القرآن جاء بأدلة سمعية، يعني محضة، لا مجال للعقل فيها، وجاء بأدلة عقلية، وما من ضرب لمثال في الكتاب في القرآن، أو تشبيه إلا وهو دليل عقلي، ولذلك ابن القيم رحمه الله تعالى جعل جميع الأمثلة الأمثال الواردة في القرآن، وكذلك التشبيهات جعلها دليلاً على إثبات القياس، على أنه حجة شرعية، حينئذٍ نقول: الدليل السمعي نوعان:
- سمعي محض.
- وسمعي عقلي.
من السمع العقلي، لأن الذي ينفي وجود الخالق جل وعلا هذا عنده خلل في الفطرة يحتاج إلى مراجعة في العقل، فقال الله تعالى في مقام إثبات الربوبية وتوحيد الألوهية: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ} [الطور: 35، 36].
قال ابن عباس رضي الله عنهما: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ} أي من غير رب {مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ} يعني من غير رب، ومعناه أَخُلِقُوا من غير شيء خلقهم فوجدوا بلا خالق وذلك مما لا يجوز أن يكون، {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ}، يعني هل وجدوا هكذا صدفةً دون خالق؟ الجواب: لا، لأن تعلّق الخلق بالخالق من ضرورة الاسم، هو مخلوق، وما معنى مخلوق؟ يعني تعلق به صفة الخلق، وإذا كان كذلك فحينئذٍ لا بد أن يكون فرعًا لا أصلاً، فلا بد له من خالق، فإن أنكروا الخالق لم يجز أن يوجدوا بلا خالق، هذا الجزء الأول، إذًا {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ}، يعني هل وجدوا في هذه الحياة بلا خالق في هذه الدنيا بلا خالق؟ الجواب: لا، قطعًا معلوم، {أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} يعني لأنفسهم، وذلك كذلك لا يكون، بل هو من أشد البطلان، لأن ما لا وجود له كيف يَخلق، أليس كذلك؟ {أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} يعني هل هم خلقوا أنفسهم؟ الجواب: لا، لماذا؟ لأنهم كانوا عدمًا، فإذا افترضنا أنهم خلقوا أنفسهم لا بد أن نفترض أنهم وجدوا في العدم فخلقوا أنفسهم ثم وجدوا، وهذا باطل، هذا لا يُقِرّ تصوره في العقل فيه شيء من الصعوبة، حينئذٍ {أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} لأنفسهم، يعني هم الذين خلقوا أنفسهم؟ الجواب: لا، هذا أشد بطلانًا من الأول، يعني من قال بأنه خُلق من العدم أخف ممن قال أنه خلق نفسه، لماذا؟ لأنه وجد مرتين، وجد مرة في العدم فأوجد نفسه، ثم وجد مرةً ثانية، وهذا باطل، لأن ما لا وجود له كيف يخلق؟ فإذا بطل الوجهان قامت الحجة عليهم بأن لهم خالقًا فليؤمنوا به، فالفروض الممكنة في هذه القضية ثلاثة الذي دلت عليه الآية.
أولاً: إما أن يكونوا خلقوا من العدم، وهو ممتنع ضرورةً، إذ العدم نقيض الوجود فلا يكون سببًا للوجود.

(4/6)

الصفحة السابقة   ||   الصفحة التالية
بداية الكتاب    ||   محرك البحث