الكتاب: الكنس الجواري في الحسان من الجواري
    المؤلف: أحمد بن محمد بن علي الأنصاري الخزرجي، شهاب الدين المعروف بالحجازي (المتوفى: 875هـ)
    [الكتاب مرقم آليا غير موافق للمطبوع]

بطاقة الكتاب   ||   إخفاء التشكيل

نص الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً.
الحمد لله الذي جعل النسا قوام أحوال الرجال، وحببهن غليهم لرعاية الأحوال، وجعل زينتهن وحسنهن سبباً للاتصال، نحمده مد من غني عن الحرام بالحلال، ونشكره شكر من ثبتت أوتاد بيته بقرينة هي سبب الخير في الال والمآل، ونشهد أن لا إله إلا الله حده لا شريك له والكرم والجلال، ونشهد أن محمداً عبده ورسوله القائل: حبب إلي من الدنيا ثلاث النساء والطيب وجعلت قرة عيني في الصلاة وناهيك بها من خلال، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه خير صحب وخير آل.
وبعد، فقد سألني غير من تقدم من الأخصاء من الناس، الأحباب الأكياس، أن أجمع في هذه الكراسة شيئاً من شعري، قاصداً بذلك رفع قدري، والتنويه بذكري، في الجواري الحسان، ومن يشار إليهن في الحسن بالبنان، وقال قد تقدم لك في حسان الغلمان، ومن الدرر المكنونة ما يفوق قلائد العقيان، فاشفعه بشيء في حسان الجواري، فإن محاسنهن عن أصل ومحاسن أولئك عواري، فتأخرت عن ذلك وأحجمت، ثم نهضت وتقدمت، وبعد ما كنت استقلت، ثبت جناني وبقول القائل تمثلت، هو الشيخ عز الدين الموصلي:
قد سَلَونَا عن الحبيبِ بخودٍ ... ذاتِ حُسنٍ فيه الجمالُ تفنن
ورجعنَضا عن التهتكِ فيهِ ... ودفعناه بالتي هي أحسَن
ثم شرعت في ذلك، ولبيت دعوة الملك، وألحقت بآخره شيئاً مما رثيت به الحسان، لأنه آخر ما يؤول إليه الإنسان، وسميته الكنس الجواري، في الحسان من الجواري، فجاء بعون الله كالنجوم الزاهرة، والعقود الباهرة، ونعود بالله من الخطآ والزلل، في القول والعمل.
فمن ذلك ما قلته في مليحة ملكة مقتبساً:
ملكةٌ تَملكُ عُشَّاقاً لها ... ولَم تَزَل بحُسنِها تأمُرُهُم
سألتُ عَنهُم قاصِدي فقالَ لي ... إنّي وَجَدتُ اِمرَأةً تملِكُهُم
وقلت في مليحة شريفة:
وَشَريفة دَعتني ... بإشارَاتٍ لطيفة
أخذت قلبيَ مِنّي ... بالمرَاسيمِ الشَّريفة
وقلت في مليحة عالمة مقتبساً:
عالمةٌ لَها عَلى ... كُرسِيِّها فضلٌ جسيمُ
أوتيت من كلِّ شيء ... ولها عرشٌ عظيمُ
وقلت في مليحة كاتبة:
كاتبةٌ عظمي برَت ... قلبي بها معلَّقُ
صِرتُ عَلى الثُّلثِ ضَناً ... إذ نَهدُها مُحقَّقُ
وقلت في مليحة زركشية:
مُغرقُ إنسان عيني بذَم ... من حبِّ زَركشيَّةٍ بها أهيم
وَالتِّبرُ في طَاعتها قدر وقَد ... فَاقت بتكحيلٍ وشطرٍ وسيم
وقلت في ملية ريّاشة:
هَوَيتُها رَيّاشَةً ... وَما لها نَظيرُ
نَأت وكنت أختَشي ... إن ريّشَت تَطيرُ
وقلت في ملية مُكلّلة:
نَظَّامةٌ للُؤلُؤ ... لم أرَ فيهَا عَاتبا
كأنَّها شَمسُ الضحى ... قد نَظَمت كَواكِبا
وقلت في مليحة مطرِّزة:
مليحةٌ إن طرّزت ... يَحارُ فيها الفَطِنُ
يُعجِبُني نَموذَجٌ ... منها وشكلٌ حَسَنُ
وقلت في ملية حريريّة:
صَانعةٌ لِلحريرِ تاركةٌ ... مُضناً لهُ من جمَالها غيّه
لِنَحوِهَا جِئتُ عدتُ مشتغلاً ... إذ ذَاك بالملحةِ الحريريّه
وقلت في مليحة عوّادة:
عوَّادَةٌ همتُ بِهَا ... إذ شَكلُها ظَريفُ
وَرُوحُها خَفِيفةٌ ... وَعودُها لَطِيفُ
وقلت في ملية جنكية:
وَغَادَة بِجَنكها ... جسَّت فَأخفَى حسَّه
وَصَوتها مُذ رَفَعَت ... كَفَّ وَطأطأ رأسَه
وقلت في ملية مدفِّفة:
إنِّي الجَريحُ بلَحظ من ... ضربَت بدفٍّ إذ وَفَت
قَلبي بِحَربِ الحبِّ قَد ... جَرحت وَعَادَت دَفَّفَت
وقلت في مليحة مشبّبة:
همتُ بمن شَبَّبت ... بنفسٍ مَا أطيَبَه
شَبَّت بِها نَارُ الهوى ... لَمّا غَدَت مُشَبّبه
وقلت في مليحة مغنِّية:
مُغنِّية كَالبدرِ عند تَمَامه ... وكَالغُصن اللَّدن الرطيب إذا اِنثَنى
تغنَّت وأغنَتني وكنتُ وحقّها ... لمفتَقِرٌ منها إلى ذَلِكَ المغنى
وقلت فيها أيضاً:
مُغنِّيةٌ مَا إن سَمعنَا بِمثلِها ... وَلا مثل ما نَهواهُ من ذلك المعنى

(1/1)

الصفحة السابقة   ||   الصفحة التالية
بداية الكتاب    ||   محرك البحث