الكتاب: التحف والهدايا
    المؤلف: الخالديان أبو بكر محمد بن هاشم الخالدي، (المتوفى: نحو 380هـ) ، و أبو عثمان سعيد بن هاشم الخالدي (المتوفى: 371هـ)
    [الكتاب مرقم آليا غير موافق للمطبوع]

بطاقة الكتاب   ||   إخفاء التشكيل

كتاب التحف والهدايا
لأبي البكر محمد وأبي عثمان سعيد ابني هاشم الخالديين
فاتحة الكتاب
"إن هذان لساحران، يغربان بما يجلبان، ويبدعان فيما يصنعان" أبو منصور الثعالبي

بسم الله الرحمن الرحيم
خصك الله بتحف إحسانه، ومنحك من هدايا امتنانه، وأجزل من الخير قسمك، ووفّر من اليمن سهمك، وأطال للمجد بقاك، ولأهل الرجاء نعماك، في دولة تغض عيون الخطوب، ورتبة تخرس لسان العيوب، ولا زلت للأدب معقلاً، ولأهله موئلاً؛ يصبحهم تطولك، ويغبقهم تفضلك. ما امتد العصران، وترادف الملوان.
وبعد، فإنك - أدام الله عزك - أمرتنا، لا زال أمرك نافذاً ونهيك مطاعاً: أن نختار لك بعض ما قيل في التحف والهدايا من النظم والنثر، وأن نتجنب ما لا معنى فيه، ولا فضيلة له، وأن نختصر ذلك، ونحذف فضوله، فبادرنا إلى ما أمرت، وسارعنا إلى ما رسمت، لنوفي الخدمة حقها، ونعطيها قسطها.
والشعر - أدان الله عزك - في هذا المعنى كثير الضروب، متشعب الفنون، غير أنه قليل في أشعار المتقدمين، موجود في أقاويل المحدثين.
ووجدنا - أيدك الله_ سائر ضروبه وجميع فنونه أحدد عشر ضرباً؛ فاخترنا من كل ضرب جيده وألغينا رديه.
واقتصرنا من كل فن على روحه، واطرحنا جسمه، ليكون جميع ما ينضم إليه، وتشتمل أقطاره عليه من الشعر والأخبار، والنوادر والآثار، عيناً تبهج القلوب، ولا تمجها الآذان. ورغبنا عما يذكره مصنفو الكتب من تفضيلها وتقريظها لأن كتابنا يصف نفسه ويبين عن محله، ولأنه يزف من سمعك إلى بعل كفى، ويرد من معرفتك إلى بحر من لجى. ونرجو أن يقع من قبلك - أيدك الله - بحيث أملنا، ومن رأيك بحيث توخينا. ولله القوة و [به] المعونة.

ذكر الأبواب التي نودعها الكتاب
الباب الأول -
في ذكر من أهدى هدية معها شعر.
الباب الثاني - في ذكر من أهديت إليه هدية فشكر عنها بشعر.
الباب الثالث - في ذكر من استدعى الهدية بشعر.
الباب الرابع - في ذكر من استدعى الهدية بغير شعر.
الباب الخامس - في ذكر شيء من أخبار الهدايا.
الباب السادس - في ذكر من ذم ما أهدى إليه بنظم أو نثر.
الباب السابع - في ذكر من أستهدى شيئاً فمنع منه أم مطل به فذمه واستبطأ بشعر.
الباب الثامن - في ذكر من لم يقبل الهدية ترفعاً وردها تنزهاً.
الباب التاسع - في ذكر شيء من أشعار من قصرت يده عن الهدية فاقتصر على الدعاء واعتمد على الثناء.
الباب العاشر - في ذكر شيء من هدايا ملوك الأطراف [للسلطان] وكتبهم إليه.
الباب الحادي عشر - في ذكر هدايا النوكى وتحف المتخلفين.

الباب الأول
في ذكر من أهدى هدية معها شعر
حدثنا أحمد بن أبي خالد قال: أهدى الرقاشي إلى يزيد ابن مزيد سيفاً موصوفاً بالعتق والجودة وكتب معه:
بعثت ما أنت به أولى ... إليك يابن الشرف الأعلى
سيفاً رقيق الحد تعلو به ... هان العدى راحتك العليا
أنت تراه مقة نعمة ... كما أراه بغضة بلوى
وهو حرام قبل ذا أن يرى ... للعبد ما يصلح للمولى
وقد أخذ هذا المعنى يعقوب التمار فقال، وقد أهدى إلى محمد بن عبد الله بن طاهر بازياً في يوم عيد:
قل للأمير الذي يداه ... قد صيغتا من ردى وجود
ما كان من حاجة الموالى ... فهو حرام على العبيد
ومع رسولي إليك باز ... أبرش ذو مخلب حديد
جعلته تحفة لعيد ... لاقاك بالطالع السعيد
ومثل هذا ما حدثناه الصولي عن يزيد بن محمد المهلبي أن الحريري أهدى إلى المتوكل فرساً وكتب معه:
يا أمين الله في الأر ... ض وللخلق إمام
ملك ما يصلح للمو ... لى على العبد حرام
ولدى عبدك من طو ... لك آلاء جسام
وكميت اللون تحكى ... لون عطفيه المدام
قلق العذر يغنى ... بين لحييه اللجام
فإذا رام صهيلاً زمر الشيخ "زنام"
فتطول بقبول الط ... رف منى والسلام
وقريب من هذا ما يروى أن بعض من كان في جملة أبي دلف القاسم بن عيسى العجلي أهدى إليه سيفاً وكتب معه:
قد بعثنا إليك قدح المعالي ... ورسول الآمال والآجال
وحرام على العبيد إذا ما ... ملكوا ما تخيرته الموالى

(1/1)

الصفحة السابقة   ||   الصفحة التالية
بداية الكتاب    ||   محرك البحث