الكتاب: توشيع التوشيح
    المؤلف: صلاح الدين خليل بن أيبك بن عبد الله الصفدي (المتوفى: 764هـ)
    [الكتاب مرقم آليا غير موافق للمطبوع]

بطاقة الكتاب   ||   إخفاء التشكيل

بسم الله الرحمن الرحيم وبه التوفيق
أما بعد حمد الله تعالى على نعم وشع برودها، ووشح بالجواهر قدودها، ووشى رياضها لما طبع نقوشها ونقودها، وصلاته على سيدنا محمد الصادق وعده، السامق مجده، السابق إلى حوض يسر المؤمن ورده، وعلى آله وأصحابه أولي المفاخر، والجود الذي اخجل البحار الزواخر، والسادة الذين بذوا الأوائل والأواخر، وسلامه إلى يوم الدين. فاني نظرت يوما فيما اتفق لي نظمه من الموشحات، ونسجته من برودها الموشعات، فوجدتها جملة جميلة، وعدة تضاهي زواهر السماء، وتباهي أزهار الخميلة، إلا أنها في التذكرة ضائعة، ونفحاتها في أماكن متفرقة ضائعة. فآثرت جمعها في ديوان يضم شملها التشتيت، وسلك يفيد الملتقط جوهرها ولا يفيت. مع علمي أنها ليست مما يجمع، ولا من النظم الذي يسمع. ولكن كل حيوان يعجبه طنين رأسه، ويقع في هوة الإعجاب بنفسه على أم رأسه، محتبلاً بأمراسه. وبالله الإعانة لا إله إلا هو سبحانه.

فصل لا بأس بإيراده
الموشح فن تفرد به أهل المغرب، وامتازوا به على أهل المشرق، وتوسعوا في فنونه، وأكثروا من أنواعه وضروبه. وقيل: انه أول من نظم الموشحات بالمغرب الإمام أحمد بن عبد ربه صاحب كتاب العقد. وقال ابن بسام أول من صنع أوزان هذه الموشحات بأفقنا، واخترع طريقها -فيما بلغني- محمد بن محمود القبري الضرير. وقيل: ابن عبد ربه. ثم نشأ يوسف بن هارون الرمادي وأكثر منها. قال الأستاذ الأديب أبو الحسن علي بن سعد الخير. رحمه الله تعالى، من جملة كلام: ووجدنا بعض المتأخرين كمهيار الديلمي، وأبي محمد القاسم الحريري، وغيرهما، قد استنبطوا من تلك الأعاريض أقساماً مؤلفة على فقر مختلفة وقواف مؤتلفة. قلت: يعني بذلك أشعار العرب في أبحر العروض. قال: وسموها ملاعب. واستنبط منها أيضا أهل الأندلس ضربا قسموه على أوزان مؤتلفة، وألحان مختلفة، وسموه موشحا، وجعلوا ترصيع الكلام وتنميق الأقسام توشيحاً، وكانوا أول من سن هذه الطريق ونهجه، وأوضح رسمه ومنهجه، انتهى.
قلت: ورسم الموشح هو: كلام منظوم، على قدر مخصوص، بقواف مختلفة.
قال القاضي السعيد ابن سناء الملك رحمه الله تعالى: وهو ما يأتلف في الأكثر من ستة أقفال وخمسة أبيات ويقال له التام، وفي الأقل من خمسة أقفال وخمسة أبيات ويقال له الأقرع. فالتام ما ابتدئ فيه بالأقفال، والأقرع ما ابتدئ فيه بالأبيات.
قال: والأقفال هي أجزاء مؤلفة يلزم أن يكون كل قفل منها متفقا مع بقيتها في وزنها وقوافيها وعدد أجزائها. قلت: ينبغي أن تزاد هذه العبارة قوله يُبتدأ الموشح بالقفل ويختم. قال: والأبيات هي أجزاء مؤلفة مفردة أو مركبة يلزم في كل بيت منها أن يكون متفقا مع بقية أبيات الموشح، في وزنها وعدد أجزائها إلا في قوافيها، بل يحسن أن تكون قوافي كل بيت منها مخالفة لقوافي البيت الآخر. قال: وأقل ما يتركب القفل من جزأين فصاعدا إلى ثمانية أجزاء، وعشرة أجزاء. والجزء من القفل لا يكون إلا مفردا، والجزء من البيت قد يكون مفردا، وقد يكون مركباً، والمركب لا يتركب إلا من فقرتين أو ثلاث فقر، وقد يتركب في الأقل من أربع فقر.
القفل المركب من جزأين، مثاله:
شمسٌ قارنت بدرا ... كأسٌ ونديم
القفل المركب من ثلاثة أجزاء، مثاله:
حلَّت يد الأمطار ... أزرَّة النوار
فيا خدني
المركب من أربعة أجزاء، مثاله:
1 ... أدر لنا أكواب
2
ينسى بها الوجد
3 ... واستحضر الجلاس
4
كما اقتضى الود
المركب من خمسة أجزاء، مثاله:
1 ... يا من أجود ويبخل 2
على شحي وافتقاري 3
أهواك 4
وعندي زيادة 5
منها شوقي وادكاري
المركب من ستة أجزاء، مثاله:
1 ... ميتات الدمن 2
أحيين كربي 3
وهل يتمكن 4
عزاء لقلبي 5
مت يا عزاه 6
شاه
المركب من سبعة أجزاء، مثاله:
1 ... من شاني 2
عن شاني 3
به جفني 4
قد استعبر 5
وقد عبر 6
عن المضمر 7
بما عندي
المركب من ثمانية أجزاء، مثاله:

(1/1)

الصفحة السابقة   ||   الصفحة التالية
بداية الكتاب    ||   محرك البحث