الكتاب: أبو الطيب المتنبي وما له وما عليه
    المؤلف: عبد الملك بن محمد بن إسماعيل أبو منصور الثعالبي (المتوفى: 429هـ)
    المحقق: محمد محيي الدين عبد الحميد
    الناشر: مكتبة الحسين التجارية - القاهرة
    عدد الأجزاء: 1
    [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

بطاقة الكتاب   ||   إخفاء التشكيل

أبو الطيب المتنبي، وماله وما عليه
هو - وإن كان كوفي المولد - شامي المنشأ. وبها تخرج، ومنها خرج. نادرة الفلك، وواسطة عقد الدهر، في صناعة الشعر، ثم هو شاعر سيف الدولة المنسوب إليه، المشهور به، إذ هو الذي هو الذي جذب بضبعه رفع من قدره، ونفق سعر، وألقى عليه شعاع سعادته، حتى سار ذكره مسير الشمس والقمر، وسافر كلامه في البدو والحضر، وكادت الليالي تنشده، والأيام تحفظه، كما قال وأحسن ما شاء (من الطويل):
وما الدهر إلا من رواة قصائدي ... إذا قلت شعرا اصبح الدهر منشدا
فسار به من لا يسير مشمرا ... وغنى به من لا يغني مغردا
وكما قال (من المتقارب):
ولي فيك ما لم يقل قائل ... وما لم يسر قمر حيث سارا
وعندي لك الشرد السائرات ... لا يختصصن من الأرض دارا
إذا سرن من مقول مرة ... وثبن الجبال وخضن البحارا
هذا من أحسن ما قيل في وصف الشعر السائر، وأبلغ منه قول علي بن الجهم حيث قال (من الطويل):
ولكن إحسان الخليفة جعفر ... دعاني إلى ما قلت من الشعر

(1/30)

الصفحة السابقة   ||   الصفحة التالية
بداية الكتاب    ||   محرك البحث